فيما مضى وقبل معرفتي بهذا الرجل، كنت أقرأ في المناسبات الوطنية تهنئات للقيادات السياسية، ووحده الوزير الزعوري من يهنئ الرئيس الزبيدي دون غيره، وكأني به يقول هذا وحده من يمثلني ومن يستحق أن ترفع له التهاني، كنتُ أدرك حينها أن رجل مثله لن يكون إلا شجاعًا وواضحًا إلى حد لا يمكن أن يهادن أو يراوغ بما يؤمن به.
لاحقًا تعرفت على الوزير عن قرب وأدركت أن وضوحه ينطلق من صدقية نهجه وإخلاصه لمبادئه. رغم قصر الفترة التي تعرفت بها على هذا الرجل، إلا أنها كانت كفيلة بمعرفة خصائل قلما تجتمع في شخص مسؤول مثله.
الحديث عن الوزير، وقبلها الأديب والمثقف وقبل ذلك كله الثائر والمناضل محمد سعيد الزعوري، هو حديث عن التكنوقراط بشمولية معانيه، حديث عن مخضرم بما يحويه هذا المصطلح في عصرنا الحديث، رجل الثورة والدولة، حديث عن الثورة بمختلف المنعطفات التي مرت بها، وحديث عن الإخلاص الذي دفع أناس بصدور عارية أن يتصدوا لسنوات طوال لكل آلات القتل والتنكيل دون أن يملوا أو يضعفوا، حديث عمن عاش في ميادين النضال وكرس حياته للخلاص من المحتل، ومن انخرط في العمل الإداري وأبدع في منهاج إدارة الدولة.. هو التاريخ الجنوبي بتجلياته ومراحل ثورته الغراء، يتمثل أمامنا بشخصية هذا الرجل القادم من زمن النقاء والصفاء والإخلاص، إلى زمن التضحية والفداء والأكثر إخلاصًا.
الوزير محمد سعيد الزعوري إلى جانب كونه ثائر ومناضل، ورجل إداري محنك، يمتلك الرجل العديد من الخصال التي لا تجتمع في سواه، فهو الأديب الذي يبهرك بطريقته الأدبية الرهيبة في كتاباته، وفصاحة الجمل والعبارات التي ينتقيها والتي لا تعبر إلا عن كونك تقف أمام شخص جمع بين الأدب والكاريزما وأسلوب الإقناع، وشجاعة الطرح، وطرح الواثق العنيد، الذي لا يتزحزح عن مبادئه.
وأنت تطالع إنجازات الوزير محمد الزعوري والنقلة التي أحدثها في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، تدرك صوابية النهج الذي اختاره مجلسنا الانتقالي، في المشاركة في الحكومة، والسيطرة على مؤسسات الدولة وتأهيل الكادر البشري، كهدف استراتيجي، لا يتوقف عند مراعاة التوازنات السياسية، وطبيعة المرحلة، بل ما هو أبعد من الاستعداد لتأهيل كادر إداري مؤهل لإدارة الدولة، وعدم إتاحة الفرصة أمام الدولة العميقة التي تتحكم بها أحزاب تكن العداء للجنوب؛ في تعزيز سطوتها على مقدرات البلاد، والتحكم بكل شيء.
قد لا يعرف الكثيرون عن هذا الرجل الكثير قبل توليه الحقيبة الوزارية -رغم تاريخه الثري وقدراته الكبيرة التي تجعله في صدارة قيادة الفعل الثوري – ذلك أنه شخص عملي لا يحب جذب الانتباه، ولا يسابق على المنصات والألقاب، في فترة الحراك السلمي الجنوبي، لم يترك الزعوري ساحة ولا ميدان نضال إلا ونحت وجوده فيه، وما من مناسبة ثورية جنوبية إلا وكان أول الحاضرين، ليس من باب تسجيل المواقف ولا حتى إراحة الضمير بل من واجب الشعور بالمسؤولية، أمام وطن فقدناه بزلة قلم، وأمام أجيال تواقةز للعيش في وطن يستحقها وتستحقه، لا وطن يسحقها وتنسحق معه.
يحق لنا أن نقول في خاتمة هذا الحديث عن هذا الرجل الاستثناء، أن الدكتور محمد سعيد الزعوري من الرجال الذين تسمو بهم المناصب، ولا يسمون هم بها،وهو من الرجال القلائل في هذه الحكومة الذين يعول عليهم، ويشكلون نموذج راقٍ يعطي الأمل بمستقبل أفضل.
سلام للمناضل الثائر وتكنوقراط ثورتنا الدكتور محمد سعيد الزعوري.
مطلق المعكر: عضو الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي