✍🏻 كتب: حسين المحرّمي
منذ تفويض شعب الجنوب المجلس الانتقالي الجنوبي في صبيحة يوم 4 مايو 2017م بمليونية حاشدة في العاصمة عدن، والانتقالي برئاسة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُّبيدي قد أخذ على عاتقه مسؤولية تحقيق هدف الشعب المتمثل في استعادة الدولة كاملة السيادة وعلى حدودها المتعارف عليها دوليًّا في عام 1990م.
نحو ستة أعوام خاض فيها المجلس الانتقالي، الممثل الوحيد لشعب الجنوب، حرباً ضروساً ضد عدد من الجماعات الإرهابية والأحزاب السياسية اليمنية، والأجندة الخارجية، بما فيها “الشرعية اليمنية السابقة”، وتعرضت خلالها قيادته – أي الانتقالي – عشرات التفجيرات الإرهابية، والاستهدافات الشخصية، محاولةً لزعزعة تماسك صفه، وسعياً إلى إضعاف قوته الفولاذية التي استمدها من شعبه، وإرادته في استعادة دولته.
انطلاقاً من تفويض الشعب وتكوين لبناته الداخلية في كافة محافظات الجنوب على مبدأ التصالح والتسامح والمساواة وأن الأرض لكل وبكل أبنائها، ومرورا بمشاركته في اتفاق الرياض وحكومة المناصفة، ووصولاً إلى مشاورات الرياض ومجلس القيادة الرئاسي، والمجلس الانتقالي الجنوبي قد جعل أولى أولوياته وهدفه الأبرز فك الارتباط، وتحقيق الهدف المنشود الذي ضحى من أجله عشرات الآلاف من الشهداء، والجرحى والأسرى.
بعد كل ذلك، فإن من العجب أن يُظَن بأن مشاركة الانتقالي في مجلس القيادة الرئاسي هي المرحلة الأخيرة له ولهدف شعبه، وأن غايته الوصول إلى السلطة، وذلك لأن مشاركته في “المجلس الرئاسي” لا تختلف كثيرا عن توقيعه على اتفاق الرياض ومناصفته للحكومة، بل على العكس تماماً؛ فهي مرحلة مكملة للسابقة، وتنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاق، وخصوصا في الجانب العسكري، كما تدل على حنكة الانتقالي سياسيا، وقربه من تحقيق هدف شعبه، والتخلص من الأعداء، وتفاصيل مشاورات الرياض ومخرجاتها خير دليل على ذلك.
مشاورات الرياض، ومجلس القيادة الرئاسي، المعلن تشكيله في 7 من أبريل الجاري، أشبه بمرحلة تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وظهوره في كبد السماء مبشراً بفجرٍ جديدٍ للجنوبيين، بعد ليالٍ طِوال شديدة السواد والظلم، حيث لم يبقَ بعد مناصفة الجنوب في الحكومة ومجلس الرئاسي، إلا الاستفتاء وإعلان الدولة المستقلة كاملة السيادة (كما هو متعارف عليه سياسيا وعُمل به في جنوب السودان وغيرها)، فإعلان تشكيل “المجلس الرئاسي” بمثابة مسمار أخير في نعش الوحدة اليمنية المشؤومة.
وصول الانتقالي بقضية شعب الجنوب إلى هذه المرحلة المتقدمة في المحافل الدولية، ونيله ثقة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بكونه الحليف الصادق للقضاء على الإرهاب والتصدي للغزو الإيراني (الحوثي) والوصول إلى عملية سلام شاملة ومراعاة المصالح الدولية المشتركة… كل ذلك لم يكن ليحدث لو لم تكن خطوات المجلس الانتقالي الجنوبي مدروسة وبالشكل الجيد والمطلوب ولما تقتضيه تداعيات المرحلة الراهنة من قِبل رئاسته ممثلة بالرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي، بالإضافة إلى ثقة وتفويض شعب الجنوب، الذي عاهده بالوقوف صفاً واحداً خلفه حتى استعادة الدولة، والتصدي لكل من يحاول المساس بقداسية وطنه ومصداقية قيادته عسكريا وإعلاميا.