يمر الجنوب العربي اليوم بأحلك فترات تاريخه، فترة لم يشهد لها مثيلاً حتى في أيام الغزو اليمني في صيف 1994. ما يعيشه شعبنا العزيز ليس مجرد أزمة سياسية أو اقتصادية، بل هو مأساة إنسانية تتفاقم يوماً بعد يوم، حيث تتكالب قوى الفساد والظلم والتجبر لتنهش في كرامة الإنسان وتسلب منه أبسط حقوقه. إن الصمت المطبق الذي نكتوي بناره والدفاع العقيم عن الجناة والمتسببين في هذه الكارثة ليس سوى وصمة عار على جبين كل من يقف متفرجاً على هذا الخذلان.الفساد الذي ينخر في جسد الجنوب لم يعد مجرد ممارسات إدارية أو مالية، بل تحول إلى ثقافة متأصلة تتغذى على معاناة الناس. نرى اليوم كيف تُسلب الموارد، وكيف يُحرم الشعب من لقمة العيش الكريمة، بينما تتراكم الثروات في أيدي قلة لا تعرف الرحمة. الظلم يتجلى في كل زاوية: في القرارات التعسفية، وفي الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي أصبحت مشهدًا يوميًا. شعبنا، الذي طالما عُرف بكرامته وصموده، يُجبر اليوم على تجرع مرارة الإهانة والتجويع، فيما يُعامل كما لو كان غريباً في أرضه.إن ما يحدث اليوم ليس مجرد نتاج ظروف طارئة، بل هو نتيجة تراكمات طويلة من الإهمال وسوء الإدارة والخيانة لتطلعات شعب الجنوب. لقد كان صيف 1994 محطة سوداء في تاريخنا، لكنه لم يكن سوى بداية لمسلسل من المآسي التي تتصاعد حدتها اليوم. فكيف يمكن لنا أن نقبل بأن يتحول شعبنا إلى ضحية صامتة، تُسلب حقوقه وتُهدر كرامته دون أن نحرك ساكناً؟إن الصمت لم يعد خياراً، والدفاع عن المتسببين في هذه المأساة ليس سوى خيانة للضمير الإنساني. إننا مدعوون اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لرفع الصوت عالياً، لتوثيق الانتهاكات، وللمطالبة بحقوقنا بكل الوسائل المشروعة. يجب أن نكون صوت شعبنا المكلوم، وأن نعمل معاً لكسر قيود الظلم واستعادة كرامتنا. لن تتحقق العدالة بالصمت، بل بالعمل الجماعي الواعي، بالتوثيق، بالضغط على صانعي القرار، وبالتضامن الذي يجمعنا تحت راية الحق.شعب الجنوب العربي يستحق حياة كريمة، يستحق العدالة، ويستحق أن يعيش في وطن يحترم إنسانيته. لنكن نحن التغيير الذي ننتظره، ولنرفض أن نكون شهوداً صامتين على هذه المأساة. إن التاريخ لن يرحمنا إذا اخترنا السكوت، فاليوم هو يوم الوقوف، يوم المقاومة، ويوم استعادة الكرامة