يفر المهاجرون الأفارقة من بلدانهم إلى اليمن كوجهة عبور، فيتلقفهم الحوثيون للزج بهم في الجبهات المشتعلة واستغلالهم وقودا للحرب.
ففي صعدة، المعقل الأم للحوثيين تفتح المليشيات الإرهابية مقابر جماعية للأفارقة المهاجرين، حيث تجبرهم على تنفيذ مهام عسكرية وتعرض حياتهم للموت، لتتعمد لاحقا المتاجرة بدمائهم إعلاميا وأمام المنظمات الدولية.
وعلمت “العين الإخبارية” من مصادر عسكرية ومحلية يمنية أن مليشيات الحوثي قتلت أكثر من 50 مهاجرا أفريقيا في معقلها الرئيسي، محافظة صعدة، بعد أن أجبرتهم على تنفيذ مهام عسكرية لصالحها في مناطق قريبة من الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية.
وأضافت المصادر أن القتلى -من الجنسيتين الصومالية والإثيوبية- قتلوا منذ يونيو/حزيران وحتى 25 ديسمبر/كانون الأول 2022، بينهم 18 إثيوبيا دفنوا مطلع الشهر الماضي أحياءً في أحد كهوف مديرية “شدا” غربي صعدة.
وبحسب المصادر فإن مليشيات الحوثي أجبرت المهاجرين الـ18 على نقل الألغام إلى مواقع وكهوف تستخدمها المليشيات مخازن إمداد لعناصرها على الحدود قبل انفجارها بهم، ما أدى لمصرعهم جميعا.
وأشارت المصادر إلى أن المليشيات الحوثية انتشلت جثث الضحايا الأفارقة ووزعتها على عدد من مقابر مديريات “شدا” و”منبه” و”غمر”، وزعمت أن القتلى من مقاتليها الذين ينتمون إلى محافظات أخرى غير صعدة.
عصابات تهريب
وتجبر مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا المهاجرين الأفارقة على تنفيذ أعمال ومهام ذات طابع عسكري في محافظة صعدة، التي يصلون إليها في محاولة منهم لاجتياز الحدود اليمنية الشمالية إلى بلدان مجاورة، ضمن محاولات تسلل يقوم بها كثير من الأفارقة ومواطنون يمنيون.
ووفق المصادر فقد قتلت عصابات التهريب التي تديرها المليشيات الحوثية أكثر من 20 مهاجرا أفريقيا، بعد رفضهم العمل لصالح هذه العصابات بتهريب مواد مخدرة إلى داخل الأراضي السعودية، وعدم قدرتهم على إعادة مبالغ كانوا تسلموها من عصابات التهريب مسبقا، وكذلك تعرفهم على خطوط التهريب التي يعد العبور منها حكرا على مافيا المخدرات الحوثية.
شرعنة وتنصل
وكانت لجنة عسكرية وأمنية تابعة للمليشيات استعرضت، الأسبوع الماضي، تقريرا لها في “مجلس شورى الانقلاب”، أعدته اللجنة ذاتها حول المهاجرين الأفارقة، وعدد القتلى الذين سقطوا منهم في محافظة صعدة، حسب المصادر.
وزعم التقرير أن “أكثر من 15 مهاجرا أفريقيا قضوا سقوطا في جبال صعدة أثناء محاولتهم الوصول إلى الحدود السعودية، و4 آخرين تعرضوا للدغات الثعابين”، في محاولة من المليشيات للتنصل من جرائم قتل وإعدام المهاجرين الأفارقة بمحافظة صعدة.
وتضمن التقرير توصيات لقيادات المليشيات بتكليف “جهاز المخابرات الحوثي” بإدارة ملف المهاجرين الأفارقة والاستفادة من العناصر التي تقبل الانخراط في دورات تدريب عسكرية، وتعليمهم اللغة العربية عبر برامج مكثفة يشارك في تنفيذها جامعات أهلية وطلاب من دولة الصومال يدرسون في تلك الجامعات.
كما نصت توصيات اللجنة الأمنية العسكرية الحوثية على إنشاء معسكرات إيواء للمهاجرين الأفارقة في محافظة صعدة، بواقع 3 معسكرات، وهو ما يكشف عن توجه للمليشيات بتجنيد واسع للمهاجرين الأفارقة في صفوفها.
ولا تزال مجزرة الحوثيين بحق سجن الهجرة والجوازات بصنعاء، في مارس/آذار 2021، عالقة في أذهان العالم، بعد أن احتجزتهم المليشيات بهدف تجنيدهم للجبهات قبل أن تحرقهم أحياء وتعمد دفنهم دون تحقيق يذكر.
وكانت مليشيات الحوثي الانقلابية اعترفت لأول مرة بمقتل مهاجر يحمل الجنسية الإثيوبية، جندته في صفوفها في أغسطس/آب 2020 بعد أعوام من التعتيم وتجنيد الآلاف، لا سيما في صعدة.