منذ أن حطَّت حرب قوى الإحتلال الغاشمة في صيف عام ٩٤م أوزارها في عدن عاصمة دولة الجنوب يوم ٩٤/٧/٧م إنهارت مقومات مؤسسات دولة الجنوب وبُنَاها بفعل ما قامت به قوى تلك الحرب من فيد ونهب وعبث لم يسبق لها في التاريخ مثيلاً وبفعل تداعيات الحرب وإرث قواها الهمجية استمرت وحتى اليوم مظاهر الإنهيار في شتى مجالات الحياة وصارت عنوان معاناة الناس، للوقوف على وقائع كل ذلك دعونا ننظر في التالي: إنهيار أمانة وواجب المسؤلية ومبادئ النزاهة في ممارسة مهام الوظيفة العامة حيث صار الفساد والإفساد سيدا المشهد بدون منازع – إنهيار خدمات أهم المرافق السيادية الإيرادية وفي مقدمتها مصفاة عدن والمحطة الكهروحرارية وعدم الإلتفات إليهنَّ وضعف نشاط وخدمات الميناء والمطار قياساً بسابق عهدهما – إنهيار حياة الناس المعيشية – إنهيار العملة المحلية – إنهيار خدمات الماء والكهرباء بفعل تغَوُّل ظاهرة الفساد – إنهيار أحوال الناس الصحية بسبب إنهيار المعيشة، والقلق والهم والتفكير وربما المواد الكيماوية في بعض الفواكه والخضار والعصائر والمشروبات الغازية وضعف نظافة البيئة وانتشار الأمراض المزمنة والطارئة وقائمتها تطول بما هي معلومة للجميع ولا يخلو من آلام وجودها ومتاعبها بيت وأسرة – إنهيار الطمأنينة لدى الأسر حول حياة أطفالها بعد أن انتشرت ظاهرة اختطاف الأطفال ووصلت حد اختطاف المواليد من غرف بعض المستشفيات – وكذلك انهيار الطمأنينة لدى الأسر أيضاً حول مساكنها بسبب انتشار ظاهرة السرقات ربما تكون بعضاً منها بسبب العَوز – انهيار صلات الجوار وروابط القربى بسبب إحياء وتغذية ظاهرة الثأر بعد أن كانت قد انتهت – إنهيار الوظيفة العامة وحق الحصول عليها وانتشار ظاهرة البطالة – إنهيار أحلام جيل الشباب في بناء المستقبل بما فيهم جيل الخريجين من كليات الجامعات والمعاهد العليا بعد أن وجدوا أنفسهم على رصيف البطالة لا وظيفة ولا مقدرة على مساعدة أسرهم ولا مقدرة على الزواج وبناء عش الزَّوجية وتكوين الأسرة! – إنهيار مستوى الطلاب في المرحلتين الأساسية والثانوية بسبب إنهيار اهتمامهم بالدراسة والتحصيل بعد أن نظروا إلى من سبقوهم فضلاً عن مراهناتهم على الغش وربما أيضاً بسبب إلتحاق بعض المعلمين بالجبهات العسكرية مضطرين لعدم كفاية المعاش في تلبية ما يسدوا به رمق أُسَرِهم ناهيك عن عدم استلامه في مواعيده، إن العزوف عن التعليم الجامعي وضعف التحصيل في التعليم الأساسي والثانوي قد بات يهدد بجيل شبه أمي ولما كان مستقبل الأوطان يُبنىَ بسواعد وعقول أجياله فمن يا ترى والحال كما تم ذكره سيبني مستقبل وطننا الجنوب الحبيب! وأخيراً حتى الآن إنهيار عمارات سكنية في بعض أحياء عدن على رؤوس ساكنيها أطفال ونساء وشيوخ وعجزة ووفيات وإصابات ومن أطال الله في أعمارهم وجدوا أنفسهم في العراء يالهول الكارثة والمعاناة بما هي عمارات أخرى آيلة للإنهيار والسقوط ربنا يستر وخلاصة القول: إن مرد كل ذلك يعود لعدم وجود دولة مؤسسات تنهض بواجباتها تجاه حياة مواطنيها كما كان عليه الحال أيام دولة الجنوب وبالتالي فإن لا مخرج من كل ذلك بدون حل الدولتين وعلى قاعدة فك الإرتباط والعودة إلى وضع ما قبل ٢٢ مايو ١٩٩٠م…