ماكينة الإصلاح الإعلامية لا تتحرك خارج مركزية التوجيه ، ولا تخوض معارك تستقيم على حرية الرأي ، هي وجهة نظر ولسان حال خفي لرأس الهرم الإخواني في اليمن.
الحملة الموجهة ضد العليمي جراء تعيين وزير خارجية جديد، مهني وإبن الدبلوماسية اليمنية -شائع محسن- ، هي تعبير عن مخاوف في أن يتبع هذا القرار سلسلة قرارات تمس في الصميم السلطة الهيمنية للإصلاح على مفاصل العمل الدبلوماسي ، حيث تعتبر السفارات معقل -ولن نقول وكر-نشاط الإصلاح الخارجي ، وغطاء تواصله مع التنظيم الدولي للإخوان ، ومصدر تجميع الأموال ، وتسويق رؤية أحادية للموقف اليمني، لا تعبر عن سلطاته السيادية بل تعكس وجهة نظر حزب السفراء الاصلاحيين المنتشرين كالفطر في كثير من دول العالم.
مايطمئن أكثر عل صحة قرار تعيين شائع، هو هذا الموقف المتصلب للإصلاح وهذه اللغة المتحفزة لأقلامه ، وكأن هذا التنظيم بوابة عبور إلزامية ومصفاة تكرير لكل التعيينات ، بل أن كل الشواغر هي حصة إصلاحية مُلزِمة لصانع القرار.
الخوف المبطن الذي لم يفصح عنه الاصلاح، هو تقلص حصته تباعاً من المناصب الوازنة في الدولة، منذ الإطاحة بعلي محسن مروراً بمحافظي شبوة والجوف ، وما يفاقم هذا القلق أن يتحرك دولاب التغيير في السفارات والملحقيات والبعثات الدبلوماسية، في حملة تطهير واسعة النطاق ، وإعادة بناء للسياسة الخارجية المصابة بشلل حركي وفقر فعالية ، وبلغة مشوشة لا تقدم خطاب الوطن بل خطاب الجماعة، ناهيك عن الفساد والإستثمار السياسي لخدمة مشروع إخونة المناصب.
تبقى الخطوة التالية الأكثر أهمية هي إعادة تنظيم و تحديد بوصلة ولاء القوات المسلحة ،ونقلها من الولائية الحزبية إلى الولاء للسيادة ، ومن التبعية للمرجعيات الموازية إلى واحدية الإمتثال لسلطة وزارة الدفاع، ومن التعيين في المواقع القيادية لرجال دين وخريجي معاهد دينية من غير المتخصصين، إلى مأسسة الجيش الوطني وخلق مؤسسة مهنية محترفة .
يبدو أن الإصلاح وهو يتهم العليمي بدعم الإنفصال، يتقارب شيئاً فشيئاً مع خطاب الحوثي حد التماهي، وقريباً على خلفية الوحدة ومقاومة الإنفصال ستتوحد بندقيتهما، ويتحول الإختراق الناعم وتخادم تحت الطاولة بينهما إلى وحدة خنادق معلنة.
القضية الجنوبية ليست عملاً سرياً ، هو خيار معلن وموثّق الحضور بكل الأدبيات السياسية بما فيها طاولات الحوار المجتمعي والرسمي ، وإنجاز إستحقاقها لا يتصل بمثل هكذا إتهامات إصلاحية ، بل لها مرجعيات واليات مختلفة ، حيث لم تعد تهمة بل إستحقاق واجب السداد وقيد الإنجاز ، ومن دونها لاعبور آمن نحو حل كل مشاكل اليمن.