الجمعة , 22 نوفمبر 2024
رائد الجحافي
ندرك جيداً ونتفهم مدى صعوبة الظروف السياسية التي يعيشها قادة الجنوب، فالارث كبير والعلاقات التي تربط صنعاء بدول الجوار علاقات وطيدة، بعيدة الأمد، وهكذا علاقة لا تشبه العلاقات الدولية الاعتيادية الأخرى، لأن العلاقة هنا تحمل طابع أسري تقوم بين أسر حاكمة، أطرافها الأولى تتمثل بالعائلات الحاكمة التي تحكم دول الخليج، والأخرى هي الأسرة التي توارثت حكم صنعاء واستولت على السلطة منذ عقود عديدة..
في حين القيادة الجنوبية التي تصدرت المشهد الجنوبي لا تحمل أي ارتباط عائلي في حكم الجنوب الذي أقيمت دولته عقب استعمار بريطاني دام مائة وتسعة وعشرين عام ثم تسلم حكم الجنوب سلطة الحزب الاشتراكي وعند كل صراع سياسي تنتهي السلطة بشخوص الصراع وهكذا إلى أن دخل الجنوب في ما يسمى بالوحدة مع العربية اليمنية ولم تمض اربع سنوات حتى اندلعت المعركة وانتهت باجتياح الجنوب والقضاء على سلطته ورموز الحزب الاشتراكي، هذا ناهيك عن السياسة الخارجية للحزب الاشتراكي الحاكم في الجنوب التي ناصبت العداء للأنظمة الملكية وعاشت حالة توتر دبلوماسي طيلة فترة وجود الدولة الجنوبية، لتكن تلك الوحدة التي قامت بين الجنوب والشمال أحد أبرز عوامل التوتر بين عدن ودول الجوار.
ندرك اليوم أن الرياض التي دخلت في معركة مفتوحة مع الحوثيين لاعتبارات مذهبية وسياسية تجتر خلفيتها من الصراع الإيراني السعودي، وتبعات التحولات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي من أخطر تحول في نظام الحكم لواحدة من الدول الكبرى (إيران) التي أسقطت الثورة الإيرانية نظام حكم الشاه كنظام ملكي استبدل بنظام مغاير وهو الأمر الذي مثل تهديداً وتحدي كبيرين لوجود الأنظمة الملكية في منطقة الشرق الأوسط..
ندرك جيداً أن القيادة الجنوبية لا تمتلك اي عمق تاريخي أو مصالح سابقة في علاقاتها مع دول الجوار وبالمقابل حالة اللا استقرار والتجربة الجديدة التي تعيشها عدن والتداخل بين معظم القضايا والمصالح والأجندة الخارجية يضاف إليها جملة العوامل الداخلية هكذا عوامل أدت إلى عرقلة نشوء اي استقرار سياسي جنوبي لبناء كيان قادر على اللعب بأوراق الضغط أو تطمين الخارج لإمكانية بناء مصالح مستقبلية وغيرها.
بالمقابل الإرث التاريخي والمادي للنظام الأسري المستحوذ على السلطة في الشمال يدير اللعبة السياسية بإحكام مع الأنظمة الملكية في المنطقة ويسخر ذلك الإرث بأنواعه المختلفة وصوره المتعددة لضمان ضرب اي صحوة جنوبية حتى هذه اللحظة.
ومع هذا وذاك يجب أن لا ييأس الجنوبيين بالذات النخب سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو غيرها وفي مقدمتهم قادة الصف الأول المتصدرين للمشهد السياسي والعسكري الجنوبي ولو الشخصيات الجنوبية الأكثر وطنية وإيمان بقضية الجنوب، وعليهم الاستمرار والتماشي مع الأحداث الجارية بما يضمن تحقيق القاعدة القائلة لا ضرر ولا ضرار إلى حين تحقيق أي فرصة وظروف ملائمة لإثبات قدرات الجنوبيين على اللعب بأوراق الضغط السياسي ومواجهة اللعب السياسي المضاد وإدارة الأزمات السياسية الداخلية بإتقان.
لذلك، على المثقفين والسياسيين الجنوبيين مراعاة قادة الجنوب ومساندتهم والوقوف إلى جانبهم، وبالمقابل يجب على القيادات الجنوبية الوطنية الشريفة أن تضع في حساباتها كل الاعتبارات والتوقعات وإتاحة الفرصة لبناء دراسات وبحوث صحيحة لوضع سبل ناجعة لمواجهة كل الاحتمالات المستقبلية..
ندرك جيداً أن الساحة الجنوبية اليوم مشحونة بالكثير من المخاطر، والألغام، وان الفرصة والأبواب مغلقة أمام الشرفاء والأحرار والمؤمنين بقضية الجنوب، وتتاح الفرص فقط أمام من لا يؤمنون لا بقضية الجنوب ولا حتى الشرفاء منهم، من أشخاص فقط أما لعلاقتهم ومصالحهم المرتبطة مع حكام صنعاء السابقين أو أمام أشخاص يجري استخدامهم لتجارة الحرب..
ندرك جيداً مدى الصعوبات والتحديات وان الطريق مليء بالاشواك أمام قضية الجنوب، فهل ستنشأ هنا في الجنوب صحوة حقيقية وعلاقة متناغمة بين القيادة الجنوبية الشريفة مع النخب السياسية والوطنية الجنوبية لبناء جدار يستطع التصدي لأي ضربات مستقبلية، لأن الإبقاء على الأبواب بحالتها المفتوحة تمكن العدو من الإستمرار في استنزاف الجنوب وتمنحه المزيد من القدرات على مواصلة اللعب السياسي لارباكنا وضرب قضيتنا..
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 19, 2024
نوفمبر 17, 2024
نوفمبر 11, 2024