يتمسك اليمنيون بطقوس رمضان وتفاصيله البسيطة والروحانية رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يفاقهما الحرب والفقر والغلاء.
هذا ما أكدته العجوز اليمنية نبات عبدالله، التي تقول إنها تستقبل شهر رمضان بالزغاريد والأكلات الشعبية والكيك والألعاب النارية التي يشعلها الأطفال في الشوارع.
لكن تلك الطقوس المبهجة سرعان ما تحولت إلى “غصّة” بالنسبة للعجوز اليمنية في حديثها مع “العين الإخبارية”، وذلك بسبب عدم قدرتها على توفير مصروفات شهر الصوم ومتطلباته اليومية.
وتضيف: رمضان مع الغلاء أصبح غصّة، حيث أصبحنا عاجزين عن توفير ثمن الوجبات اليومية من “سمبوسة” و”شربة” و”باجية” و”بنت الشيخ” و”مدربش”، وهي وجبات عدنية تعد جزءاً أساسياً من شهر الصوم.
اختفاء طقوس رمضانية
وتقول نبات عبدالله: “قديماً كان لمدفع رمضان توقيت يوحّد الجميع خصوصاً في الريف، حيث يندر وجود المساجد، لكن الحرب طمست كل شيء، وبات الناس يعتمدون على المذياع والتلفزيون عند الإفطار والسحور، ولم يعودوا يعتمدون على المدفع أو أذان المسجد”.
ما قالته نبات أكدته اليمنية هند عبدالرحمن، وهي من سكان عدن، والتي عادت لما وصفتها بـ”أيام الزمن الجميل”، عندما كانت تقطن أحد أرياف اليمن وكان لرمضان طقوس خاصة وجميلة.
تقول هند لـ”العين الإخبارية”: “كنا في رمضان زمان نجهّز عصيدة وحقين ونلح بالملحة، وكانت المائدة تضم كل ما تشتهي النفس من سمبوسة، وشفوت، وباجية، ومحلبية، وجيلي”.
“أيضاً كنا نزور الإخوة والأصدقاء والأهل والمعارف، ونخرج إلى المسجد نصلي التراويح ونقرأ القرآن ونتجمع حتى منتصف الليل في أحد المنازل”.
عادات قديمة جديدة
ومن العادات التي يحرص عليها اليمنيون في شهر رمضان إخراج الزكاة والتصدق على الفقراء وتبادل الأكلات الرمضانية.
ولم يخف صالح في حديثه مع “العين الإخبارية” أن الظروف المادية الصعبة طمست كثيراً من العادات والطقوس، لكن هناك رجال خير ومنظمات وجمعيات يقاومون اختفاء تلك الطقوس.
ويضيف: “شبح الحرب دائماً وراء كل كارثة والفقر والغلاء، لكن عدن فيها ميزات مختلفة ورجال الخير فيها يتفاعلون في هذه المسائل”.
وفي كريتر، يحرص الناشط محمد أنور العدني على إقامة فعاليات في الأحياء الشعبية من أجل توصيل رسالة هدفها “إحياء الموروث الشعبي والثقافي للمدينة”.
ويقول العدني في حديث مع “العين الإخبارية” إنّ الفعاليات الشبابية “أعادت الموروث بقوة في الشارع والناس مبتهجة برمضان، وهي رسالة للجميع أن عدن ستعيش رغم ضنك الحياة ورغم ارتفاع الأسعار وتدهور الريال اليمني”.
ويوضح أن أبرز رسالة تقدمها الفعاليات الشبابية هي أن “الشعب حي، وسيعيش رغم الصعوبات وسنحيي تراثنا بطريقتنا، وأن فرقة (سماء عدن) ستكون حاضرة وستقدم وصلات فنية وشعبية حفاظا على المورث الشعبي”.
من جهتها، تقول المدير التنفيذي لمؤسسة “أحياء” العدنية منى خالد عبدالله إن الاحتفال برمضان يتم كل سنة بجهود شبابية ذاتية حفاظاً على عادتنا وتقاليدنا، ويكون ذلك في الحارات والمنازل ويتشارك فيها الأطفال والكبار.
وتضيف لـ”العين الإخبارية”: “هذه السنة عبّرنا عن رمضان بشكل أوسع من خلال إحياء التفاصيل البسيطة التي تعبّر عن حب وقدوم وصوم رمضان لدى لشعب اليمني رغم الظروف الذي نعانيها ورغم التدهور الاقتصادي”.