مُذ كُنا والإمارات بجانبنا، مُذ كنا وكان العدم شريطاً يُلازمنا، مُذ جَدّرتنا الفاقة، واستَبَدّت بنا الحاجة، وطغى علينا الفقر والقهر، مُذ كانت المهانات وكانت اليمن بكل ما هي عليه من تشظٍ وتشرذم وانكسار وانقسام والإمارات إلى جانبنا تُجبر ما انكسر فينا من معنى وقيمة، تحرسنا من الموت ويمنيتنا من الزوال، تُعيد علاقتنا بأنفسنا وبالزمن.
“إمارات الخير” الشعار رافعة أمل لكل من تكسّرت بهم الآمال، ومصدر ألق لكل من سَوّرتهم العتمة، جسر من ودادٍ ووئامٍ ومحبة، يُطلُ علينا من خلاله زايد الخير سخياً كلما بدأ يأسنا بالبزوغ، ينبثق من خلاله حياً يُساند المتعبين والفقراء من رقدة الموت الأكيد.
الإمارات مصدر أُنْس وباعث إيناس، كانت ولا زلت لكل الشعوب التي غالبتها الوحشة، وصَفّدَتها الوحدة، وبغى عليها الضعف لا سيما في اليمن.
عرفنا إنسانية الإمارات أكثر، من خلال هذا الشعار “إمارات الخير” وعرفها العالم أجمع من خلال المؤسسات الإنسانية والخيرية والمحض إنسانية والتي تأسست كجزء من سياق الريادة الإماراتية العالمية، تمثل هذه المؤسسات علامة فارقة في جبين العمل الإنساني.
منذ البواكير والإمارات تعمل على استنهاض الإنسان اليمني وإيقاظه وبعثه حياً من جديد، منذ البواكير والإمارات تساند الفقراء المعوزين من خلال إطلاق حملات إنسانية واسعة.
لم تكن الحملات الإماراتية الخيرية والإنسانية عابرةً، أو لغرضٍ عابر، أو لفرضِ طابعٍ سياسيٍّ ما؛ بل كانت وما زالت حملات استثنائية عابرةً للحدود والقارات، حملات محض إنسانية، ترى فيها الروح الإماراتية الندية الواهبة، والإنسان الإماراتي المنبعث من قلب زايد الخير، ومن قلب المعنى الكبير الذي يريده الله، حملات تُعبر عن النزعة الخيرية التي تسكن الروح الإماراتية الوارفة.
منذ أن ابتلعت الحرب الإنسان والعمران في اليمن، ومنذ أن أحرقت الوجهات والواجهات، وتوحش المشهد، وانتشرت الديناصورات الحوثية في الساحة اليمنية، والإمارات بجانبنا في حملات إنسانية مستمرة عديمة النظير وبلا انقطاع لاستنهاض الفقراء والمتعبين واستنهاض اليمن المهيض، في الغذاء والبناء والإيواء والمياه والصحة وقطاعات حيوية وتنموية أخرى.
تجمعنا الإمارات “إذ تفرقنا الحروب والاقتتالات والسياسة والعصبيات وبواعث الانقسام والتشرذم تُعيدنا إلينا وتعود بنا إلى مساقط النور والحياة والعافية “.
يتفق اليمانيون هنا على تقديرهم العام للجهود الإماراتية الرافدة لليمن على جميع المستويات، منها ريادة العمل الإنساني في اليمن، ومنذ سنوات واليمانيون يراقبون بود الحملات الإنسانية الزاخرة التي تأتي كشريك أساسي في بناء واستنهاض اليمن واستخراجه من المستنقع الذي تردّى فيه، من خلال مد يد العون بمشاريع إنسانية وخدمية وتنموية في مختلف المجالات وفي أكثر المحافظات اليمنية التي مزقتها الغيلان الحوثي.
من خلال هذه المقدمة، وتحت هذا العنوان البارز، أحاول الإسهام في رفد وتدعيم العمل الخيري والإنساني الإماراتي، تطوعًا مني، لإبراز الحضور الإماراتي في ريادة العمل الإنساني على المستوى الإقليمي والعالمي، وسأبتدأ بسلسلة مقالات في سياق الجهود الإنسانية الإماراتية في اليمن وإبراز وتوثيق هذا الدور والعمل على تعزيز جهود دولة الإمارات الإنسانية في اليمن، ومن ثم تعزيز الجهود الإماراتية الدولية لاستنهاض الفقراء، والتخفيف من المعاناة والحد من الفقر عالميا، وقد وفقني الله لإصدار كتاب “مؤلف” لإبراز هذه الجهود الخيرة وهذا الدور الإنساني المشهود لتعزيز مكانة الإمارات على المستوى المحلي والعربي والعالمي