كشفت باحثة بارزة في معهد إنتربرايز الأميركي، أن قضايا اليمن سقطت من الخريطة بالنسبة لمعظم الأميركيين، موضحة أن السياسة السلبية للولايات المتحدة مع الملف اليمني منحت مليشيا الحوثي فرصة البقاء وعززت من سلطتهم.
وأوضحت الباحثة كاثرين زيمرمان، وهي باحثة بارزة في المعهد ومحللة في شؤون القاعدة والتهديدات الحرجة، أن اليمن الواقع على طول باب المندب، يمثل نقطة اختناق بحرية استراتيجية، وأن الولايات المتحدة لديها مصلحة دائمة في ضمان ألا تهدد التطورات داخل البلاد الأمن البحري أو استقرار الخليج.
وذكرت الباحثة، في تقرير نشرته صحيفة “ذا هيل” الأمريكية، أن مليشيا الحوثي رفضت تنفيذ ما عليها من التزامات في الهدنة الأممية الأخيرة، التي خاضت فيها واشنطن وساطة لإبرامها في أبريل وتم إجهاضها في أكتوبر الماضي.
وأشارت كاثرين زيمرمان إلى أن هناك تقصيرا في مجلس الكونغرس الأميركي في مناقشة ملف الأزمة اليمنية ويجب مراجعته، موضحة أن اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية التابعة للجنة مجلس النواب الأمريكي ومكافحة الإرهاب العالمي، عقدت، مؤخراً، جلسة استماع حول الوضع في اليمن، معتبرة إياها “فرصة لطرح الأسئلة الصحيحة حول ما تفعله الولايات المتحدة لتعزيز مصالحها في المنطقة”.
واستغربت الباحثة قيام الكونغرس بإسقاط حزمة تساؤلات هامة كان من المفترض أن يتم توجيهها إلى المبعوث الأمريكي إلى اليمن “ليندركينغ”، ومديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية “سارة تشارلز”.
وأكدت أن غض الطرف من قبل الولايات المتحدة على إجهاض الهدنة، منح الحوثيين فرصة تعزيز سلطتهم أكثر، وساهم بشكل كبير في زيادة تهديدهم لخطوط الملاحة الدولية.
وقالت زيمرمان: إن الهدنة الأممية الأخيرة لم توفر سوى الوقت للحوثيين لتعزيز سلطتهم”، مضيفة: “استفاد الحوثيون من الهدنة في انتزاع التنازلات من الطرف الآخر، في الوقت الذي لم ينفذوا الشروط التي وافقوا عليها”.
وأضافت: “اليمن بالنسبة لسياسة الولايات المتحدة الخارجية لم يعد يتصدر قائمة الأزمات التي تؤثر على الأمن القومي الأمريكي، ونادرا ما يحصل على وقت في الكونغرس”. ولذا ترى أن “الصراع في اليمن معقد، ونادرا ما تتناوله الصحف ومواقع الاخبار الدولية، مما يجعل من الصعب متابعته، بل ويصعب تقييم رسائل الإدارة بشأن الصراع”.
وأكدت الباحثة في معهد إنتربرايز الأميركي أن اليمنيين يريدون إنهاء الصراع. لكن ميزان القوى على الأرض يصب في مصلحة الحوثيين، الذين تختلف مصالحهم عن مصالح الولايات المتحدة في اليمن، خاصة على النفوذ الإيراني في اليمن وحماية الحريات المدنية الأساسية.
وتقول زيمرمان، “لا يزال الحوثيون متمكنين في اليمن، مما يسمح لهم بتقديم مطالب متطرفة. حتى إذا توقفت إيران عن إمداد الحوثيين بالأسلحة -ولا توجد مؤشرات على حدوث ذلك- فإن لدى الحوثيين مخزونا هائلا. استمرت إيران في تزويدهم خلال فترة الهدنة التي استمرت ستة أشهر، مما يضمن استمرارهم في قتالهم.
وأكدت الباحثة الأمريكية أن جرأة الحوثيين زادت من خلال الرسائل الموجهة من الكونغرس ضد السعودية والإشارات المتضاربة من المجتمع الدولي التي تطالبهم بالتراجع عن مواقفهم الحالية لكنها تنتقد أي استئناف للقتال قد يضعف الحوثيين”، مؤكدة أن تأثير العقوبات الأميركية كان ضئيلا، مثل التحذيرات العلنية للحوثيين لتقديم التنازلات اللازمة من أجل السلام”.
وترى زيمرمان، أن الحوثيين اقتنصوا فرصة لمسارعة جهودهم في “تحويل اليمنيين الى مجتمع أيديولوجي متطرف بعد استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان”، مضيفة: “لقد قاموا بالفعل بإجراء تغييرات كبيرة على نظام التعليم في اليمن لتلقين الأطفال أيديولوجية متطرفة بدلاً من تعليمهم. في العام الماضي، اتخذ الحوثيون إجراءات لمنع النساء من الأماكن العامة، ليس فقط لتعتيم آفاق مستقبل المرأة اليمنية، ولكن أيضا أعاقوا موظفات المنظمات غير الحكومية عن أداء وظائفهن”.
وأشارت الباحثة الأميركية إلى أن “الولايات المتحدة أكبر مانح منفرد لليمن منذ سنوات، وقدمت الإغاثة الإنسانية الطارئة”. لكن أحد أهم التهديدات طويلة الأمد التي يتعرض لها اليمنيون هو ضعف البنية التحتية الحكومية والمؤسسات الضرورية لتقديم الخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة والرعاية الصحية وشبه الانهيار.