واقع جديد يقلب الموازين ويعيد ترتيب الطاولة، طاولة الحل والتفاوض، حيث ينبغي القول بكثير من الاطمئنان إنه بات لدينا ما قبل وما بعد شبوة وشقرة.
الجغرافيا الجنوبية من لحج وحتى المكلا باتت متصلة بلا عوائق عسكرية، وهوية التسوية تتبلور بصورة أوضح، وخيارات الجنوب ككيان مترابط تؤخذ في اعتبار الحل النهائي.
القضية تتخطى القوة لحسابات أن القوة المحلية في الصراع، ليست وحدها الحاكمة في تقرير النتائج، بل إن الإقليم والخارج طرفان فاعلان في إدارة دفة المواجهات، وحجب أو منح الضوء للمدى المسموح بأن تصل إليه، وما حدث جنوباً هو انتصار للانتقالي ومشروعه السياسي في ربط المناطق ببعضها وفرض السيادة عليها، وما لم يكن ذلك برضا الفاعل الإقليمي والدولي لن نقول استحالة إنجاز ذلك، ولكن دونه الكثير من الصعوبات والأكلاف العالية.
الإصلاح بنتائج الميدان وتوافق الخارج، خرج من ساحة الصراع وبات ملحقاً بالتسوية لا لاعباً فيها، والازدواجية التي يلعبها في تقديم نفسه كلاعب سياسي في الواجهة، وداعم لتنظيمات العنف الديني في العمق ومن خلف ستارة، لم تعد هذه الازدواجية مسموحا له المضي بها بقرار دولي.
وعليه فإن تفكيك مكامن قوته وضبط حجمه بمستوى أقل يجري العمل عليه الآن، بقوة الانتقالي ورضا رأس المجلس القيادي وتوافق المصالح الدولية.
النقطة التالية هو تفكيك وضرب آخر معاقله في حضرموت الوادي ومن ثم المهرة، وأخيراً بناء قوة حقيقية لإعادة ضبط حضوره في تعز، ونزع فتيل الخطر هناك الذي ربما في لحظة إحساس بالهزيمة، يذهب بعيداً في المغامرة بالزحف نحو عدن عبر معسكراته المتاخمة والاستنجاد بملحقاته الإرهابية.
شطب الإصلاح أو بالأصح نزع أنيابه وتقليم أظافره، قرار لا رجعة عنه، ما يضعه وجهاً لوجه أمام الحقيقة:
أنت فائض عن حاجة الحرب والحل، وأنت لست قوة وازنه تؤثر على مستقبل الصراع وآفاق التسوية.
الإصلاح غامر بكل شيء وخسر كل شيء، وتعطلت لديه آليته الأثيرة إلى نفسه:
إسماع كل طرف ما يريد سماعه، وإعمال طوق السرية والمواراة حول مشاريعه، وبات أمام حالة من الانكشاف الكلي، ما يجعله أمام أحد أمرين:
مواجهة شاملة لتعديل ميزان القوى، عبر تحريك ما تبقى له من معاقل قوة حضرموت وتعز وبدرجة أقل المهرة.
إعلان نقل التخادم مع الحوثي إلى التحالف العلني، وإعادة الاصطفاف معه في خندق واحد وخطاب حرب واحد، وهو خيار انتحاري يحرمه من المناورة، ويجعله بلون محدد، وهذا ضد طبيعته المعتمدة على اللعب مع كل الألوان، من التحالف إلى إيران عبر حماس ومسقط إلى أمريكا عبر تقديم نفسه كراعٍ لمصالحها النفطية.
خرج الإصلاح من الدائرتين الإقليمية والدولية، بإطلاق يد الانتقالي صوب تحرير جنوب الثروات، والإمساك بحقول النفط، والضغط عليه لقبول دور الهامش لا مركز الدائرة وبؤرة الضوء.
الجنوب الآن جغرافية متصلة، مشروعه أكثر مقبولية، وإن لم تتحدد المدى التي ستذهب إليه مقاربة الإقليم وصناع القرار الدولي، حول المسموح والممنوع في مشروعه السياسي، أي استعادة دولة كاملة أم ما دون ذلك قليلاً أو كثيراً.
محافظتان سقوطهما حتمياً بيد الانتقالي، حضرموت الوادي والمهرة، ومحافظة خطرة سقوطها سيتم بعمل مشترك مع داخلها السياسي الشعبي وقوة الساحل وهي تعز، وبسقوطها يكتب الإصلاح شهادة وفاته ويوارى تحت شاهدة قبر خُط عليها: