الجماهير تصرخ بصوت نوفمبر: الجنوب قرر… والمرحلة القادمة لن تشبه ما قبلها
الحالمي: ما صنعته الجماهير اليوم أقوى من أي خطاب… التفويض تجدد وانتهى النقاش
نحن مع حضرموت قلبًا وقالبًا… وتحرير الوادي والصحراء مطلبٌ مشروع وحتمي
الجنوب اليوم أقوى من كل المؤامرات… ولن نسمح بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء
البيان الختامي : الجنوب ماضٍ بثبات… والتفويض الشعبي للرئيس الزبيدي يتجدد
التحالف شريك استراتيجي… والجنوب رقم صعب لا يمكن تجاوزه
ذكرى 30 نوفمبر محطة تجديد للعهد نحو الاستقلال الثاني واستعادة الدولة
لحج / غازي العلوي :
شهدت محافظة لحج، صباح اليوم، حدثًا استثنائيًا في حجمه ورسائله، مع احتضان ملعب الفقيد معاوية المهرجان الكرنفالي الضخم الذي نظمته الهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظة بالشراكة مع السلطة المحلية بالمحافظة ، احتفاءً بالذكرى الثامنة والخمسين للاستقلال الوطني المجيد الثلاثين من نوفمبر برعاية كريمة من ارئيس القائد عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي مائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي .

توافد جماهيري مبكر يكشف حجم الالتفاف الشعبي
منذ ساعات الصباح الأولى تقاطرت الحشود من مختلف مديريات المحافظة، رجالًا ونساءً وشبابًا وأطفالًا، وهم يرفعون أعلام دولة الجنوب وصور الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي، في مشهد لا يُوحي بمهرجان فقط، بل باستفتاء شعبي مفتوح على الهواء الطلق: الجنوب حاضر، والناس هم الشرعية الحقيقية .
امتدت صفوف المشاركين داخل الملعب وخارجه في استجابة واسعة لدعوة المجلس الانتقالي الجنوبي، في تأكيد جديد على قدرة المحافظة على الحشد والتنظيم، وعلى ما تمثله لحج من عمق استراتيجي لحراك الجنوب الوطني والسياسي.
لم يكن حجم الحضور فقط هو ما لفت الأنظار، بل شكله وروحه وانضباطه وتوقيته. فهذه الحشود جاءت في ظرف اقتصادي ومعيشي صعب، ومع ذلك ملأت الشوارع والبوابات والمدرجات وكأنها تقول:
“لا شيء يقف أمام إرادة دولة تتشكل… ولا مشروع يسبق مشروع الجنوب”.
كان حضور الجماهير هو الحدث، وهو الرسالة، وهو الدليل الأبلغ على قدرة لحج، أرض الفعل لا القول، على الحشد والتنظيم واستعادة نبض الدولة الجنوبية القادمة. الحشود التي ملأت الملعب وما حوله لم تكن مجرد مأدبة وطنية، بل تجديدًا واضحًا للتفويض الشعبي للرئيس الزبيدي والالتفاف حول مشروع المجلس الانتقالي الجنوبي بوصفه حاملًا لهذه القضية وعمودها الفقري.
حضور قيادي واسع يؤكد وحدة الصف الجنوبي
شارك في الفعالية قيادات سياسية وعسكرية وأمنية جنوبية بارزة، يتقدمهم الأمين العام لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي عبدالرحمن جلال شاهر الصبيحي ووزير الدفاع الأسبق الفريق محمود الصبيحي، ومحافظ لحج اللواء الركن أحمد عبدالله التركي، ورئيس المجلس الانتقالي في لحج وكيل المحافظة وضاح الحالمي، ونائب رئيس مجلس المستشارين بالمجلس الانتقالي الجنوبي أحمد الربيزي ، وعدد من أعضاء هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي وقيادات عسكرية وأمنية رفيعة.
كان هذا الحضور بحد ذاته ردًا جاهزًا على كل من يحاول تصوير الجنوب بأنه ساحة منقسمة أو مشتتة. فقد أثبتت لحج اليوم أن القيادة موحدة، والإرادة موحدة، والهدف واحد.

خطابات تعيد تشكيل وعي اللحظة
تتابعت الكلمات في منصة الاحتفال، كلمات مشحونة بروح الثورة ورائحة التاريخ، خطابات تحدثت عن الجنوب القادم لا الجنوب الذي مضى، وعن الإرادة التي لم تتعب رغم ما واجهته من خذلان ومعارك ومحاولات إجهاض سياسية.
حيث ألقى محافظ لحج اللواء الركن أحمد عبدالله التركي كلمة رفع في مستهلها التهاني والتبريكات للقيادة السياسية ولأبناء لحج بمناسبة ذكرى الاستقلال مستعرضا المحطات الأولى الملاحم النضالية التي سطرها الثوار وصولا إلى الاستقلال الناجز في 30 نوفمبر عام 1967م .
كلمة رئيس انتقالي لحج: خطاب يعيد بناء اللحظة ويحدد اتجاه الجنوب
ألقى رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي الجنوبي في لحج ووكيل المحافظة وضاح الحالمي كلمة مفصلية، تحولت إلى محور الاحتفال وصوته الأكثر تأثيرًا. لم يكن خطابًا عابرًا، بل إعلانًا سياسيًا وشعبيًا عن مرحلة جديدة، جاء فيه:“نقف اليوم أمام ذكرى لا تتكرر في عمر الشعوب، ذكرى لم تُكتب بالحبر بل بدماء الشهداء. وهذه المحافظة التي انطلقت منها شرارة الثورة الأولى، ما تزال اليوم تقود الطريق نحو الاستقلال الثاني”.

وأوضح الحالمي أن ما تحقق في الجنوب خلال السنوات الماضية لم يكن نتاج صدفة، بل ثمرة قيادة حكيمة واصطفاف شعبي خلف الرئيس القائد عيدروس الزبيدي. وأشاد بالعرض العسكري في عدن، والحراك الشعبي في حضرموت، مؤكدًا: “حضرموت، ولحج، وعدن، والمهرة، وسقطرى… صوت واحد. الجنوب دولة لا مشروعًا مؤجلًا”.

كما شدد على أن المجلس الانتقالي الجنوبي يواصل العمل من أجل المواطن، وأشاد بدور القوات المسلحة الجنوبية في حماية الأرض وصون المكتسبات الوطنية، متعهدًا: “لن نتراجع عن قضية استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة. ليست خيارًا سياسيًا، بل قدر شعب، وحق تاريخي، ومشروع لا يسقط بالتقادم”.

ووجه الحالمي تحية تقدير وإجلال للقوات المسلحة الجنوبية على العرض العسكري المهيب الذي شهدته العاصمة عدن يوم أمس الأول، والذي عكس روح الانضباط والقوة والجاهزية العالية التي بلغتها قواتنا الجنوبية الباسلة. كما حيي الجماهير الغفيرة التي خرجت في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت لتقول للعالم إن صوت حضرموت هو صوت الجنوب، مؤكدا أن مطلب إخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى وإحلال قوات النخبة الحضرمية مطلبٌ عادل ومشروع، مضيفا بالقول : ” نحن في قيادة انتقالي لحج نؤكد وقوفنا الكامل والمطلق مع أبناء حضرموت لتحرير الوادي والصحراء من الاحتلال اليمني ومع كافة مطالبهم المشروعة .
وختم كلمته برسالة ذات مغزى كبير: “لشهدائنا وعد… ولأبناء الجنوب عهد… أننا سنمضي معًا حتى آخر المشوار، مهما كانت الأثمان، ومهما ظن المتربصون أنهم يستطيعون إيقافنا”.
عروض فنية وفلكلورية متنوعة
شهد المهرجان العديد من العروض الكرنفالية التي قدمها شباب لحج إلى جانب الفقرات الفنية والفلكورية .
العروض والفقرات والفنون لم تكن سوى امتداد للعنوان الأكبر: الجنوب حاضر، ولحج مركز ثقل لا يتزحزح في المعادلة الوطنية.
البيان الختامي: تفويض شعبي ورسائل تتجاوز حدود اللحظة
صدر عن الفعالية بيان سياسي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي والسلطة المحلية والفعاليات السياسية والمجتمعية بمحافظة لحج، أكد أن ذكرى الاستقلال الأول في 30 نوفمبر 1967م تمثّل محطة تاريخية خالدة في مسيرة الجنوب، وحدثًا لتجديد العهد بالسير نحو تحقيق “الاستقلال الثاني” واستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة. وأشار إلى أن لحج، التي انطلقت منها شرارة ثورة 14 أكتوبر من جبال ردفان، ما تزال تؤدي دورًا محوريًا في مسار النضال الوطني الجنوبي، وتواصل حضورها الفاعل ضمن المشروع السياسي الذي يقوده المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي.

وجاء في البيان جملة من التأكيدات والمواقف، أبرزها:
أولًا: التمسك بالمشروع الوطني الجنوبي الذي يقوده المجلس الانتقالي الجنوبي، واعتبار الرئيس القائد عيدروس الزبيدي الممثل السياسي لقضية الجنوب، والحامل لطموحات شعبه في التحرير والاستقلال وبناء الدولة الفيدرالية الحديثة.
ثانيًا: تجديد التفويض الشعبي للرئيس الزبيدي وقيادة المجلس لاستكمال مهام التحرير، وتعزيز الجهود الرامية إلى إدارة الجنوب واستعادة الدولة الجنوبية بحدودها الدولية حتى 21 مايو 1990م.

ثالثًا: المضي في الحوار الوطني الجنوبي وتعزيز العمل السياسي والتنظيمي والمجتمعي، بما يرسّخ الشراكة الوطنية ويحافظ على النسيج الاجتماعي، مع الدعوة إلى تعزيز الاصطفاف الوطني وترسيخ الهوية الجنوبية.

رابعًا: توجيه التحية لأرواح الشهداء والوفاء للجرحى والأسرى، وتثمين دور القوات المسلحة الجنوبية في التصدي للميليشيات الحوثية والتنظيمات الإرهابية وكل الأطراف التي تهدد أمن واستقرار الجنوب.

خامسًا: دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق سلام عادل ومستدام، مع التأكيد على أن حل قضية شعب الجنوب يجب أن يكون محورًا رئيسيًا في أي عملية سياسية مقبلة، بما يضمن حق الجنوبيين في استعادة دولتهم.

سادسًا: التشديد على الشراكة الاستراتيجية مع دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، القائمة على المصير المشترك ودعم الأمن القومي العربي.

سابعًا: إدانة سياسات العقاب الجماعي والتجويع التي تطال المواطن الجنوبي، ورفض التطرف والإرهاب، والتأكيد على نهج الوسطية وتعزيز قيم السلام وبناء دولة النظام والقانون.
ثامنًا: إعلان التضامن الكامل مع أبناء وادي وصحراء حضرموت إزاء ما يتعرضون له من انتهاكات، والدعوة إلى حماية السكان واستكمال تحرير الأراضي الجنوبية وتأمينها.

واختُتم البيان بالتأكيد على مواصلة النضال حتى تحقيق تطلعات الشعب الجنوبي في الحرية والاستقلال، مجددًا الوفاء للشهداء، والدعاء بالشفاء للجرحى، والنصر لشعب الجنوب.
نهاية تشبه البداية: الجنوب هنا
طوى أبناء لحج صفحة أخرى من صفحات النضال السلمي ورسّخوا حضورهم في واحد من أكبر المهرجانات الوطنية في تاريخ المحافظة، مؤكدين أن الجنوب ماضٍ بثبات نحو استكمال مشروعه الوطني، وأن الثلاثين من نوفمبر سيبقى محطة تتجدد فيها ذاكرة الحرية والهوية الجنوبية الجامعة.