الخميس , 21 نوفمبر 2024
رأى خبراء ومحللون عسكريون أن لجوء واشنطن لاستخدام قاذفات “الشبح” الإستراتيجية، للمرة الأولى، في عملياتها العسكرية ضد ميليشيا الحوثي في اليمن، يمثل “تحوّلًا إستراتيجيًا غير مسبوق”.
واعتبر محللون، في حديثهم لـ “إرم نيوم”، أن “هذا التعاطي الإستراتيجي للولايات المتحدة وحلفائها يأتي في ظل التهديدات الموجهة للسفن المدنية والعسكرية في ممرات الملاحة البحرية الدولية”.
وشنّت المقاتلات الأمريكية، يوم أمس الخميس، 15 غارة جوية “نوعية ودقيقة”، بواسطة قاذفات “الشبح” بعيدة المدى من طراز (B-2)، مستهدفة 5 مواقع محصنة لتخزين أسلحة تقليدية متقدمة تحت الأرض في معسكرات تابعة للحوثيين بالعاصمة صنعاء، ومواقع أخرى بمعقل الميليشيا الرئيس في محافظة صعدة، شمالي البلاد.
وقال وزير الدفاع الأمريكي،لويد أوستن ، إن استهداف مرافق الحوثيين تحت الأرض، عبر قاذفات B-2 التابعة للقوات الجوية، “يوضح القدرات الأمريكية في اتخاذ إجراءات ضد هذه الأهداف عند الضرورة في أي وقت وفي أي مكان”.
واعتبر أوستن ذلك “عرضًا فريدًا لقدرة الولايات المتحدة على استهداف المرافق التي يسعى خصومنا إلى إبعادها عن متناولنا، بغض النظر عن مدى عمقها تحت الأرض أو تحصينها”.
ومنذ انطلاق الضربات الأمريكية البريطانية الرامية إلى “إضعاف قدرات الحوثيين الهجومية ضد السفن، وتأمين الملاحة البحرية” في الـ12 من يناير/ كانون الثاني الماضي، مرّت العمليات بمرحلتين.
تركزت المرحلة الأولى على استهداف قواعد عسكرية ومراكز قيادة وأنظمة رادار ومعسكرات تابعة للحوثيين، ثم انخفضت حدتها خلال الأشهر الأخيرة، مقتصرة على ضربات وقائية ضد صواريخ ومسيرات وزوارق مفخخة، استباقًا لتنفيذ العمليات الهجومية التي لم تتوقف عن استهداف السفن.
وقال الملحق العسكري السابق للسفارة اليمنية لدى الولايات المتحدة، هشام المقدشي، في تدوينة على منصة “إكس”، إن “استخدام القدرات الإستراتيجية للولايات المتحدة وإرسال القاذفة B-2 لمسافة أكثر من 10 آلاف ميل، هي بمثابة رسالة تؤكد قدرة واشنطن على التصعيد واستخدام أسلحة أكثر فتكًا في ضرب مواقع ذات أهمية، ودليل على أن الدعم الجوي لم يعد منحصراً فقط على قدرات “مركز القيادة المركزية الأمريكية”.
ضربات مؤلمة
ويعتقد الخبير العسكري، العقيد محسن ناجي مسعد، أن “استخدام أمريكا لهذا النوع من القاذفات الحربية “يعطي مؤشراً بأن المواجهة العسكرية مع الحوثيين قد دخلت مرحلة جديدة تتسم بالجدّية وعدم التساهل، بعيدة عن المناورات السابقة التي استمرت على مدى قرابة العام”.
وأشار، في حديثه لـ”إرم نيوز”، إلى أن “هذه الضربات التي استهدفت مواقع عسكرية حوثية حساسة تأتي بناءً على معلومات استخبارية دقيقة، تسلح بها الأمريكيون مؤخرًا”.
وقال: “بالتالي فإننا سنشهد خلال المرحلة المقبلة تغييرًا في خطط واشنطن العسكرية المتعلقة بمواجهة الحوثيين، ما يجعل القادم عبارة عن ضربات مؤلمة، ستنال من قدراتهم التسليحية وخاصة الصاروخية والطائرات المسيّرة”.
مجرد بروفة
بدوره، يقول المحلل السياسي، خالد سلمان، إن ما حدث هو “مجرد بروفة أولى لتغيير مسار المواجهة، من التربيت على كتف الحوثي بغارات سطحية، إلى اختراق جسمه السياسي والعسكري بذات الصواريخ التي حصدت رؤوس قيادات حزب الله وأمينهم العام، بقذائف تصل إلى أعماق سحيقة تحت الأرض وفي الكهوف”.
ويضيف سلمان في حديثه لـ”إرم نيوز”، أن الرسائل الأمريكية التحذيرية ما زالت تتوافد على الحوثي، وعليه أن يطيل قراءتها، “ففي خضم معركة تنظيف المنطقة من فوضى أذرع إيران الطائفية، لا وقت للمراوغة والمناورة والألعاب الصبيانية التي يمارسها الحوثي بتهديد المصالح الدولية، لكسب الداخل وإطالة أمد سيطرته على الحكم في المناطق المختطفة”.
مستبعدًا ذهاب واشنطن وبريطانيا إلى حد تصفية قيادات الحوثي، وقال إن هذه المهمة “ستناط إلى العسكرية الإسرائيلية المتخصصة وذات الإرث الممتد في تنفيذ عمليات الاغتيالات”.
منطقة الظلام
ولا يرى خبير الشؤون الإستراتيجية والعسكرية الدكتور علي الذهب، توسعًا في بنك الأهداف الأمريكية في اليمن، بقدر ما هو “اختراق لمنطقة الظلام المعلوماتية التي فرضها الحوثيون على كل ما يخص مكامن القوة الصاروخية والطيران المسيّر”.
وأعرب الذهب، في حديثه لـ”إرم نيوز”، عن اعتقاده أن “هذا الاختراق يعود إلى نجاح طائرات MQ9 الأمريكية في مهامها التجسسية التي امتدت لأكثر من عام على نحو متواصل وهي تجمع المعلومات الحساسة والبيانات الدقيقة”.
وتابع قائلاً: “هذا ما يفسر حجم تضحية واشنطن للوصول إلى الحقيقة، بعد إسقاط الحوثيين لعشر طائرات منها خلال الأشهر الماضية”.
وذكر أن هذه الضربات “لها ما بعدها، وقد فتحت أبوابًا واسعة نحو مزيد من الإنهاك للحوثيين، وحملهم على تقبل ما سيفرض عليهم، ليس من قبل الحكومة اليمنية، ولكن من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين”.
معلومات دقيقة
من جانبه، يؤكد رئيس “مركز أبعاد للدراسات والبحوث”، عبدالسلام محمد، أن “لجوء الأمريكيين إلى سلاح الإستراتيجية والحصرية، التي لا تستخدم إلا لمهمة الردع أو لضرب أهداف ثمينة في عمق الأرض، دليل على امتلاكهم معلومات دقيقة عن مخازن الأسلحة المخفية لدى ميليشيا الحوثي”.
وقال محمد، في حديثه لـ”إرم نيوز”، إن “ما يحدث من اختراق أمني للحوثيين مشابه لما حدث لحزب الله اللبناني، لأن الاختراق الحقيقي والكبير وقع لإيران، وهو ما سهّل على الأمريكان والإسرائيليين الوصول إلى معلومات مهمة عن وكلائها في المنطقة”.
وأشار عبدالسلام إلى أن “الهجوم بواسطة قاذفات (B-2 Spirit) يحمل رسائل ردع أمريكية موجهة إلى طهران، كون هذا النوع الإستراتيجي من الطائرات يمكنه حمل رؤوس نووية، وهي قادرة على التخفي من الرادارات والتهرب من أنظمة الدفاعات الجوية ويبدو أنها ستلعب دورًا في صراعات المنطقة، وتغيير خريطة الشرق الأوسط”.
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024