تحل علينا غدًا، الثلاثاء 24-9-2024، الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الشابين البطلين الزميلين، محمد فضل لخجف ومهيب عادل الضنبري، من منتسبي اللواء 13 صاعقة، اللذين ارتقيا إلى جوار ربّهما وهما يؤديان واجبهما الوطني المقدس في ملاحقة فلول الإرهاب في مودية، أبين. إنها لحظة حزينة ومؤلمة، ولكنها تحمل في طياتها معاني الفخر والعزة، إذ نتذكر تضحياتهما التي تجسّد أسمى معاني الوفاء للوطن.
كان محمد ومهيب شابين في مقتبل العمر، يحبان الحياة بكل تفاصيلها، يعيشان طموحات الشباب وأحلام المستقبل، كانا يحلمان بالنجاح، بالفرح، وبأن يبنيا مستقبلًا أفضل لهما ولعائلاتهما وأحبابهما، ولكن، مع كل تلك الأحلام، كان في قلبيهما حب أكبر للوطن، وإيمان عميق بأن الحياة لا تساوي شيئًا إن لم تكن مصحوبة بالأمان والكرامة، لم يكن لديهما رفاهية العيش بسلامٍ وأمان، فقد اختارا أن يتركا الراحة وراء ظهريهما، ويحملا السلاح في مواجهة خطر الإرهاب الذي كان يتربص بوطنهما.
لقد عرفا أن الطريق الذي سلكاه محفوف بالمخاطر، وأن نهاية هذه الرحلة قد تكون استشهادًا، ولكنهما لم يتراجعا، لم يخافا من مواجهة الموت، لأنهما كانا مؤمنين بأن الموت في سبيل الله والوطن هو أسمى درجات الشرف، لقد عاشا حياتهما وهما يخدمان قضية أكبر منهما، قضية الدفاع عن الأرض والعرض، قضية حماية الناس الأبرياء من الإرهاب الذي لا يرحم.
ورغم شغفهما بالحياة، ورغبتهما في العيش بسلام، كان الواجب الوطني أكبر من كل شيء، كان محمد ومهيب يعرفان أن هناك أشياء تستحق التضحية، وأدركا أن الأمان الذي نحظى به اليوم كان ثمنه دماء الشهداء، كانت لديهما أحلام كبيرة، وكان مستقبلهما واعدًا، ولكن إرادة الله شاءت أن يكونا أبطالاً من نوع آخر، أبطالاً يقدمون أرواحهم ليحيا الوطن.
في كل خطوة قاما بها، كانا يحملان مسؤولية كبيرة على أكتافهما كانا يعرفان أن كل لحظة يواجهان فيها فلول الإرهاب هي لحظة حماية للناس، لحظة أمل للأجيال القادمة، وإن كانت الحياة قد سُلبت منهما في سنٍ مبكرة، فإن روحيهما ما زالتا ترفرفان بيننا، تلهمنا بالاستمرار في النضال، وتذكرنا بأن الطريق نحو الحرية لا يُعبّد إلا بالتضحيات.
اليوم، نتذكرهما بألم، ولكن بفخر أيضًا، نتذكر كيف كانا يملآن حياتهما بالأمل والطموح، وكيف كانا يضحيان بأغلى ما لديهما – حياتهما – من أجلنا، إن دماءهما التي سالت على أرض مودية هي نبراس يضيء لنا الطريق، وتذكرنا بأن أماننا اليوم ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج لبطولات شهداء مثل محمد ومهيب، الذين قدموا كل شيء من أجل أن نحيا نحن.
لقد كانا شابين مثلنا، يحبان الحياة، يحلمان بالمستقبل، ولكن عندما ناداهما الواجب، لبّيا النداء دون تردد، إن ذكراهما ستظل محفورة في قلوبنا، وستظل تضحياتهما مثالًا يُحتذى به لكل من يسعى لتحقيق العدالة والحرية، إنهما لم يموتا، بل خُلدت أسماؤهما في سجل الشرف، وكل خطوة نخطوها نحو مستقبل أفضل هي امتداد لتلك الخطوات التي بدآها هم.
رحم الله الشهيدين محمد فضل لخجف ومهيب عادل الضنبري، وأسكنهما فسيح جناته، وجعل تضحياتهما نورًا يضيء درب الوطن نحو الأمان والحرية.