إن العقل نعمة عظيمة أنعم الله بها على الإنسان ووهبه إياه حتى يعبده على بصيرة وعلم ويميز به الخبيث من الطيب ويعرف من خلاله ما يضره وما ينفعه؛ فيؤدي ما أُمر به من الفضائل وينتهي عما نُهي عنه من جميع الرذائل.
لقد حثنا ديننا الإسلامي الحنيف على استخدام العقل من خلال التفكر والتدبر والنظر والتأمل والاعتبار حتى يقودنا ذلك إلى الإيمان المطلق بوحدانية الله تعالى لا شريك له ونسف كل طرق التقليد الأعمى والتعصب المقيت لآراء ذوي الضلال والجهالة حتى يحفظ الفرد عقيدته وأخلاقه وجميع معاملاته مع خالقه وكذلك مع العباد.
مرت بلادنا في عصرنا الحالي بحروب وفتن وجرائم إرهابية متطرفة عصفت بمجتمعنا ومر بظروف مضطربة لم يسبق أن مر بها سابقا، بل وأصبح يعاني الكثير من الأحداث المروعة التي دمرت الممتلكات وأزهقت الأرواح وأوجدت بيئة سهلة لبث الأفكار المنحرفة في أوساط شبابنا وبات التطرف يهدد أمن واستقرار البلاد والوطن والمجتمع على حد سواء.
إن الأمن الفكري مطلب لابد منه ولا يمكن الاستغناء عنه لجميع الأفراد في وقتنا الراهن وتزداد حاجته عند الشباب نظراً لوجود القوة والفتوة وحب المغامرة لديهم، كما يجب استغلال كافة نقاط القوة الموجودة لديهم حتى يصبحوا أعضاء فاعلين لأنفسهم ولأسرهم ومجتمعهم.
لقد أصحبت أبواب الشرور مفتحة على مصراعيها وتجر الشباب جراً إلى الفتن والمهالك؛ كما أن أرباب الأفكار المنحرفة والمناهج الضالة يبثون سمومهم في أوساط الشباب ويغرسون فيهم التطرف والغلو والتعصب الأعمى نظراً للفراغ الفكري والثقافي عند كثير من الشباب أو استغلالهم من قبل جماعات وأحزاب متطرفة وجدت عقولهم بيئة خصبة لأفكارها وآرائها الهدامة، بالإضافة إلى وسائل إعلام عصرية متنوعة ظهر من خلالها قوم شوهوا جمال وكمال ورحمة وسماحة هذا الدين وذلك إما عمداً بطرق مدروسة أو بعدم معرفتهم بأحكام هذا الدين وجهلهم بتعاليمه فأفتوا بغير علم فضلو وأضلو وكل ذلك بمثابة قنابل موقوتة سيكتوي بنارها الجميع.
إن تحقيق الأمن الفكري بات من أهم المطالب التي يحتاجها الشباب في وقتنا الراهن وذلك لكونه من أهم عوامل الخطر التي تهدد مستقبلهم، وأصبح الشباب يتلقى كمَّاً هائلاً من المعلومات المضللة في مختلف الجوانب ناهيك عن جانب الدين؛ فقد تصدر قوم للفتوى والقول على الله بغير حق دون علم بما يقولوا إما جهلا أو عمدا بدافع من جهات مشبوهة تبث تلك السموم ليصبح الشباب وقوداً وحطباً لتلك الأفكار والرؤى الفاسدة.
ولذلك فإن المسؤولية كبيرة والحمل ثقيل لمحاربة تفشي الأفكار المنحرفة والمناهج الهدامة في أوساط الشباب ويشترك في تلك المهمة كافة أبناء الوطن وهيئاته وفي مقدمتهم هيئات ومكاتب التعليم بتضمين المناهج الدراسية العقيدة الصحيحة، كما أن للمسجد دور كبير في كشف شبهات ذوي الأفكار الباطلة وتوضيح وبيان خطأها وفسادها للأمة وللمجتمع، وللإعلام المرئي والمسموع والمقروء دور رئيسي في كشف وزيف وبطلان دعوى أرباب ذوي الفكر المنحرف؛ وكذلك دور الأسرة والمجتمع في محاربة كل من يحمل تلك الأفكار الباطلة والضالة من أبناءهم.