الجمعة , 22 نوفمبر 2024
بعد أكثر من 6 أشهر على بدء استهداف سفن الشحن في البحر الأحمر، أعلن الحوثيون توسيع هجماتهم إلى البحر الأبيض المتوسط في تطور خطير يثير قلقا إقليميا وعالميا.
لكن خبراء يمنيين شككوا في أحاديث لـ«العين الإخبارية» في قدرة الحوثي على تنفيذ تهديداته، فيما اعتبر آخرون أن الحوثي سيسعى لتنفيذ التهديد عبر التنسيق مع مليشيات وأذرع إيران بالمنطقة، محذرين من اتساع رقعة الصراع.
وتصاعدت هجمات مليشيات الحوثي تدريجيا ابتداء من قرصنة سفينة غلاكسي ليدر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في البحر الأحمر واتساعها إلى باب المندب وخليج عدن وحتى بحر العرب والمحيط الهندي مؤخرا، لتطول 107 سفن، وفق ما أعلنه زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.
وأكد زعيم مليشيات الحوثي في خطابه أمس الخميس، أن جماعته تستعد لمرحلة رابعة من التصعيد البحري، ليعلن ناطق الجناح العسكري للمليشيات يحيى سريع اليوم الجمعة توسيع الهجمات حتى البحر الأبيض المتوسط وفي “أي منطقة تطولها أيادينا”.
وكان زعيم المليشيات توعد منتصف مارس/آذار الماضي، بمنع عبور السفن المرتبطة بإسرائيل في رأس الرجاء الصالح، لكن ذلك لم ينفذ بالواقع رغم إثارة تقارير صحفية نجاح تجارب حوثية في اختبار صاروخ يعمل بالوقود الصلب وتصل سرعته إلى 8 ماخ (نحو 10 آلاف كيلومتر في الساعة).
تشكيك بقدرات الحوثي
وشكك خبراء يمنيون في أحاديث لـ”العين الإخبارية” بقدرات مليشيات الحوثي على تنفيذ هجماتها في البحر الأبيض المتوسط الذي يبعد عن اليمن نحو 3 آلاف و699 كيلومترا.
وأكدوا أن الإعلان كان بإيعاز “إيراني”، وسيتولى خبراء الحرس الثوري الإيراني تنفيذ الهجمات انطلاقا من البحر أو من اليمن أو عبر جماعات وظيفية في المنطقة.
ويقدم قادة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله الموجودون في الداخل اليمني، إلى مليشيات الحوثي الدعم التكنولوجي والمعلوماتي والاستخباراتي لتحديد السفن واستهدافها.
التنسيق مع المليشيات
وعلى مستوى قدرات المليشيات، يشكل صاروخ كروز “قدس 4” بعيد المدى، وصاروخ “طوفان” الباليستي الذي يعمل بالوقود السائل، وهي نماذج إيرانية تصل أقصى مدى لها من 1,900 كيلومتر إلى 2000، هي أحدث تقنيات بحوزة الحوثيين حاليا وتم استخدمها في هجمات على إسرائيل، ما يجعل صعوبة استخدام هذه الأسلحة في الهجمات.
لكن عبر التنسيق مع جماعات وظيفية أخرى في المنطقة يمكن للحوثيين وخلفهم إيران تنفيذ هجماتهم بالفعل في أعالي البحار، وهو ما يترتب عليه من تداعيات إقليمية وعالمية، بحسب رئيس مركز جهود للدراسات في اليمن عبدالستار الشميري.
وقال الشميري لـ”العين الإخبارية”، إن “إعلان مليشيات الحوثي بشأن توسيع هجماتها في البحر المتوسط هو إعلان إيراني، إثر امتلاكها الكثير من الأذرع ولتنسيقها مع جماعات أخرى كالحوثيين في عرض كل البحار”.
وأكد أن التنسيق سيشمل “تنظيم القاعدة الذي يمكن له التحرك برا وبحرا وجماعات موجودة في المهرة اليمنية وفي أفريقيا كالصومال، وجماعات وظيفية أخرى متجولة في المنطقة تقودها غرفة عمليات إيرانية مشتركة بهدف تكامل الجهود بين مختلف هذه الجماعات”.
وعن توقيت تنفيذ هذه الهجمات، يرى الباحث السياسي اليمني أن “الإعلان لا يعني أن التنفيذ سيكون وشيكا، إذ لا بد من وجود خطة إيرانية ما، لتوسيع دائرة الصراع في البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي وإلى ما يمكن أن يصنعوه في أي بحر وفي أي مضيق”.
وأشار إلى أنه “لا يمكن أخذ الإعلان الحوثي أنه إعلان وهمي، كون الجماعات الوظيفية التابعة لإيران يمكن أن تصنع الكثير، خاصة أنها مزودة بالسلاح ولن يعجزها أي هجوم في أي بحر سواء البحر المتوسط أو غيره وقد يمتد إلى دول أخرى في أفريقيا التي تنشط فيها هذه الجماعات”.
وتابع: “هناك حرب كاملة الأوصاف برية وبحرية تتبناها إيران وما الجماعات الوظيفية كالحوثيين إلا ارتداد لهذه التوجهات ورادار لاتجاهات سياسة إيران الخارجية”، وفق الشميري.
الحرس الإيراني «مسؤول»
وما ذهب إليه الشميري أتى عليه القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح، قائلا إنه “يمكن لمليشيات الحوثي في حالة واحدة تنفيذ هجماتها في البحر المتوسط، وذلك عبر التعاون والتشارك مع تنظيمات كداعش أو تنظيم الشباب المؤمن في الصومال الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع الحوثي”.
وقال صالح في حديث لـ”العين الإخبارية”، إن “قدرات مليشيات الحوثي لا تسمح لها منفردة بتنفيذ هجوم معقد إلا عبر الجهات المتصلة بالحرس الثوري الإيراني، إذ إنه لو حدثت هجمات بالفعل ستكون إيرانية أو عبر إحدى أذرعها”.
وبشأن احتمال مرور مسيرات الحوثي أو صواريخه فوق دول إقليمية ومنها مصر في حال تم استهداف سفن في البحر المتوسط، أكد القيادي اليمني أن “عملية عسكرية معقدة كهذه لن تكون مليشيات الحوثي تملك قرار تنفيذها وستكتفي باستثمارها وتبنيها من باب استعراض القوة”.
وفيما أشار إلى أن “مليشيات الحوثي تستثمر هذه الهجمات شعبيا وللهروب من الاستحقاقات الداخلية”، لفت إلى “الدور الفاعل لقادة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في تسليح المليشيات وصولا إلى تزويدها بالمعلومات الاستخباراتية”.
إعادة النظر في ميناء الحديدة
وتفتح تهديدات الحوثيين باستهداف السفن في البحر الأبيض المتوسط وقبلها في رأس الرجاء الصالح الأنظار مجددا نحو ميناء الحديدة الحيوي غربي اليمن الذي يعد بوابة تهريب مليشيات الحوثي خصوصا تقنياتها وأسلحتها المتقدمة التي تستخدمها في الهجمات ضد سفن الشحن.
ووفقا لمدير الإعلام العسكري للمقاومة الوطنية اليمنية عبدالناصر المملوح، فإن “الصواريخ والطيران المسير الذي بحوزة مليشيات الحوثي يتم تهريبها من قبل الحرس الثوري الإيراني من ميناء بندر عباس الإيراني إلى ميناء الحديدة”.
وأكد المملوح في حديث لـ”العين الإخبارية” أن “أنشطة التهريب الحوثية تزايدت عقب توقيع اتفاق ستوكهولم الذي حول ميناء الحديدة إلى بوابة مفتوحة لإدخال الأسلحة، وهي تقنيات يتم استخدامها على نحو متزايد في تهديد الملاحة، وذلك بإدراك العالم و”لم يعد سرا” أو خفيا للجميع.
وشكك المملوح في “امتلاك مليشيات الحوثي أسلحة تصل مداها إلى البحر المتوسط أو رأس الرجاء الصالح”.
وقال: “مليشيات الحوثي لو كانت تملك أسلحة تصل لأبعد نقطة ملاحية لاستهدفت السفن التي غيرت مسارها من البحر الأحمر”.
واستشهد المسؤول العسكري بإعلان مليشيات الحوثي منتصف مارس/آذار الماضي باستهداف سفن الشحن في رأس الرجاء الصالح، لكن في الواقع وخلال الفترة الماضية لم تسجل أي حادثة هناك.
وأشار إلى أن “تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين بشأن تحول “البحر الأحمر إلى منطقة نفوذ لبلادهم” يعد دليلا إضافيا على حقيقة ما يجري من هجمات تستهدف سفن الشحن التي تلعب إيران دورا كبيرا في تنفيذها، وقد تمتد إلى أعالي البحار، بما في ذلك البحر المتوسط عبر أذرع إيرانية”.
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024