يمثل الاستيطان واحدة من الادوات المتبعة لتعزيز تبعية الجنوب للشمال ، وعلى مدى ثلاثين عاما اعتمدت هذه المنهجية كنهج عملت عليه ودعمته السلطات اليمنية المتعاقبة في السابع من يوليو ١٩٩٤م سعيا منها لطمس هوية الجنوبي وجعل شعبه اقلية مسلوبة الحق.
تغييرات هائلة شهدها الجنوب قادتها الاجهزة الاستخباراتية اليمنية المدعومة من السلطات السياسية لتكثيف حالة الاستيطان بأشكال وصور عديدة بهدف تعديل التركيبة الديموغرافية لمصلحة الاحتلال وتمكينه من الأراضي الجنوبية والاستفادة من مساحته الجغرافية الواسعة والمهمة ولأجل ذلك جُنّدت مختلف المؤسسات التي سخرت جهودها وامكاناتها لجعل الجنوب أرضاً مستباحة للقادمين من خارج حدوده.
تسهيلات ودعم كيير تلقاه المستوطنون اليمنيون سهل انتقالهم واستقرارهم في الجنوب وخاصة في العاصمة عدن والمهرة ووادي حضرموت ومناطق واسعة من محافظة أبين، إذ تحصلوا على مساعدات مالية وتسهيلات ادارية للقيام بأعمال البناء العشوائي والحصول على الخدمات على حساب المواطن الجنوبي .
وعلى الرغم من ضعف وسقوط السلطات اليمنية ودخولها في حالة حرب وصراع داخلي مدمر فقد ظلت منظومة الاحتلال بعناصرها المختلفة محافظة على مشروعها وسياستها الاستيطانية في الجنوب،بل تجاوزت ذلك بأن تم استغلال الحرب كمبرر للانتقال من المحافظات اليمنية إلى الجنوب تحت ذريعة النزوح ولدواعٍ انسانية.
خلال ثمانية اعوام من الحرب حرصت السلطات والحكومات اليمنية على دعم خطط الاستيطان وتم نقل مئات الآلاف من اليمنيين الى الجنوب ومنحوا الامتيازات والرواتب المغرية على الرغم من اتتفاء اي مبرر لانتقالهم من محافظاتهم المستقرة والخالية من أي كل اشكال المواجهة مع مليشيا الحوثي .
واضافة إلى عدم مشروعية الانتقال الى الجنوب من قبل قطاعات واسعة من المواطنين اليمنيين فقد مثل النزوح غطاءً خطيراً لاختراق العناصر الارهابية وكذا المنتمية لمليشيا الحوثي للجنوب وتنفيذ اعمال ارهابية عديدة استهدفت قيادات عسكرية ومدنية جنوبية، وكثيرا ما ارتبطت الكثير من العمليات الارهابية والجرائم الدخيلة على المجتمع الجنوبي بنازحين ومستوطنين بما تسبب حالة مم القلق في الشارع الجنوبي ناهيك عما تسبب الضغط الكبير لآلاف اللاجئين اليمنيين على الخدمات العامة المتهالكة اصلاً في الجنوب وعدن بشكل خاص.