لم أستطع أن أوقف دموعي حين رأيت امرأة لحجية، من الطراز الأول، وهي تبكي بحرقة لم تترك في قلبها مكانًا إلا وملأته الألم. كانت تلك المرأة تحمل حلمًا بسيطًا مثل أي أمٍ غيورة على أبنائها: دولة قوية، تُؤمّن لأطفالها حياة كريمة، تمنحهم حقهم في العيش بسلام، بعيدًا عن جوع يفتك بهم، وتعبٍ لا ينتهي.
لكن ما رأته عيناها لم يكن حلمًا، بل كابوسًا مستمرًا. “طفل يموت من الجوع أمامي…”، قالتها بصوت متقطع، يكاد يخترق القلب. هي لم تروي قصة من الماضي، بل واقع يومي تعيشه كل لحظة في قلب لحج، حيث الجوع يفتك بالأطفال، والموت يحصد الأبرياء، ولا أحد يلتفت أو يشعر بمأساتهم.
ماذا جرى للجنوب؟ أين تلك الوعود بدولة قوية، تحترم حقوق شعبها؟ أين تلك الخطط التي طالما تحدثوا عنها؟ اليوم، لا تجد هذه المرأة سوى صمتٍ رهيب، وتجاهلٍ ممن لا يحسون بمعاناتها ومعاناة ملايين غيرها. تُرَكُّ وتُدَاسُ آمالهم تحت أقدام الفقر، ولا تجد من يمد لهم يد العون.
لقد وصلنا إلى مرحلة مؤلمة، حيث الجوع بات يطرق أبواب البيوت، والأطفال يموتون دون أن يرف لأحد جفن. اتقوا الله يا من تتحدثون عن لحج، وتصورون الوضع وكأن الأمور بخير. هناك واقع أليم يعيشه الناس، ليس مجرد حكايات تُقال في المناسبات، بل هو ألمٌ حقيقيٌ يشق الصدور.
إن وضع هذه المرأة، وحلمها البسيط الذي بات مستحيلاً، هو واقع الكثير من أهل الجنوب اليوم. والدموع التي تساقطت من عينيها هي دموع شعب بأسره، شعب كان يطمح إلى غدٍ أفضل، فإذا به يجد نفسه أسيرًا لواقعٍ مرير.
يا ليتكم تنظرون إلى حقيقة الحال، وتتحركون بما هو أكثر من كلمات. اتقوا الله في هؤلاء الناس، فما من شيء أعظم من أن ترى طفلًا يموت من الجوع أمامك، ولا تستطيع أن تقدم له شيئًا.
هذه المرأة ليست وحدها، فهناك آلاف مثله، وأطفال آخرون يموتون يوميًا بسبب الجوع والفقر، فلا تكفوا عن الصمت، ولا تتركوا الوضع كما هو.