ذكر تقرير دولي أن الألغام التي زرعها الحوثيون في اليمن مستمرة في قتل المدنيين، وتتسبب في إصابات خطيرة في المناطق التي توقفت فيها الأعمال العدائية النشطة، وتمنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم.
وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن جماعة الحوثيين استهزأت لسنوات بخطر الألغام الأرضية، مؤكدة أن الحاجة ملحة إلى تسريع إزالة الألغام الأرضية؛ لإنقاذ الأرواح وتفادي المعاناة غير الضرورية، وضمان أن يتمكن الناس من الوصول بأمان إلى منازلهم وسبل عيشهم.
وأوضحت المنظمة في تقرير لها أن الألغام الأرضية غير المزالة لها أثر كارثي على سكان قرية الشقب التي تقع في مديرية صبر الموادم في الجبال المحيطة بمدينة تعز. ونقلت عن مسؤول القرية تأكيده أن الألغام قتلت ستة أشخاص وجرحت 28 آخرين خلال السنوات التي تلت مباشرة حصار الحوثيين لمدينة تعز والمناطق المحيطة في 2015.
وزار باحثو «هيومن رايتس» قرية الشقب في أبريل (نيسان) الماضي، وقابلوا سبعة من السكان، من ضمنهم أربعة ناجين من الألغام الأرضية، وشخصان فقدا أقارب لهما بسبب الألغام الأرضية، ومسؤول القرية، وقالوا إن الناجين الأربعة لديهم جميعاً إعاقة دائمة بسبب إصاباتهم، كما أن جميع الذين قابلهم الباحثون نزحوا من منازلهم إلى قرية مجاورة.
وتقع قرية «الشقب» اليمنية في وادٍ بين قمتين جبليتين، تسيطر الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً على إحداهما (قمة مزعل)، بينما تسيطر جماعة الحوثي على الثانية (قمة الصالحين)، ورغم أن القرية تقع على خط جبهة، توقف معظم القتال الفعلي منذ سنوات عدة فإن بعض القناصين لا يزالون في المنطقة ويطلقون النار بشكل متقطع على المدنيين، ويقتلونهم في بعض الأحيان.
وفي 23 مارس (آذار) الماضي، قال السكان في قرية «الشقب» إن قناصاً من الحوثيين أطلق النار على طفل في أثناء عودته من المدرسة وأصابه إصابة خطرة، ونقلت «هيومن رايتس» أن معظم سكان القرية، وأغلبهم مزارعون أو رعيان، نزحوا من أرضهم في بدايات النزاع، حيث نزحت أكثر من 527 عائلة، وفق ما أفاد به مسؤول القرية.
ومع تراجع الأعمال القتالية النشطة في السنوات القليلة الماضية، قُتل العديد من السكان الذين حاولوا العودة إلى منازلهم للاهتمام بأراضيهم الزراعية، أو رعي ماشيتهم، أو أُصيبوا بجروح خطيرة بسبب الألغام المضادة للأفراد، وقُتلت ماشيتهم أيضاً. والعديد من المصابين لديهم إعاقة دائمة.
وقال السكان لفريق «هيومن رايتس» إن قوات الحوثي بدأت منذ 2018 تتسلل إلى أراضيهم ليلاً لزرع الألغام في منازلهم ومزارعهم وحولها. وأفاد أحد الذين قابلهم الفريق بأنه نزح من منزله في 2016 بسبب القتال. وفي أغسطس (آب) 2022، مع انخفاض حدة القتال، عاد إلى منزله لأخذ بعض القمح الذي كان قد خزّنه هناك، حيث داس على ما وصفه بزجاجة صفراء أمام باب المنزل وانفجرت الزجاجة.
وصعّبت الألغام أيضاً على سكان القرية تأمين الطعام والحفاظ على دخلهم، ووفق «برنامج الأغذية العالمي»، فإنه وحتى فبراير (شباط) 2024، كان 64 في المائة من سكان محافظة تعز دون طعام كاف، وتعز هي إحدى أربع محافظات في اليمن تواجه انعدام أمن غذائي «عالي الخطورة ومتدهور».