عانت مناطق اليمن التي تعتنق المذهب السني الشافعي كجنوب وغربي اليمن من ظلم وتسلط المشروع الإمامي وخصوصاً منطقة “تهامة” حيث لاتزال تعاني منذ بداية القرن العشرين من الفكر والتسلط الكهنوتي الإمامي. أعتمد المشروع الإمامي في اليمن عدة آليات سياسية و إجتماعية للتقسيم الطبقي والفصل العنصري بين أبناء اليمن مثل مصطلحات “الزيود” و “الشوافع” و”اليمن الأعلى و الأسفل” و”أصحاب مطلع و منزل” وإستخدام “الزيدية” كأداة مذهبية فعالة للتمييز المناطقي العنصري والتقسيم الطبقي بين أفراد المجتمع. كان خروج التهاميين على أوامر الإمام ومخالفتهم للمذهب الزيدي سبباً في إصدار فتوى”إرشاد السامع لجواز أخذ أموال الشوافع” لإمام اليمن آنذاك المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم، هذه الفتوى هي إحدى فصول الحرب والتهجير والنهب والتنكيل والسرقة والعنصرية والتقسيم المذهبي المناطقي والتهميش خلال حكم الائمة الذي إستمر لعشرات السنوات على منطقة تهامة. في المقابل كان الأئمة الزيدية يواجهون مقاومة شديدة شرسة من مناطق تهامة الشافعية ضد الإحتلال والحكم الإمامي لسنوات عديدة مدافعين عن أرضهم وعرضهم وحرياتهم، نظراً لعدم تقبلهم هذا المذهب والفكر. خاض أهالي تهامة حرباً بالوكالة نيابة عن الشوافع بحكم مكانة مدينة زبيد العلمية والدينية والتي هي معقل الشافعية وقدمت آلاف الشهداء، أيضاً كانت قبائل الزرانيق قد أشعلت إنتفاضات مسلحة في وجة الأمامة وكان من أبرز شخصيات المقاومة التهامية أحمد فتيني جنيد وهو أسطورة المقاومة التهامية والذي قدم ملف تهامة إلى عصبة الأمم المتحدة وطالب بالإعتراف بدولة تهامة المستقلة عام 1919 – 1929 ، وكان جنيد قائد شجاع ولد من رحم المعاناة ومثل القضية التهامية خير تمثيل وإستمر بالقتال مؤمناً متمسكاً بقضيته وحريته حتى إغتياله. وبعد سيطرة الإماميين الكهنوتيين على تهامة بقوة السلاح تم قتل جميع المعارضين التهاميين وحاربوا التجار وسرقوا الأراضي وجردوا أهالي تهامة من أسلحتهم وطردوهم من المؤسسات الحكومية والعسكرية ورفضوا قبلوهم فيها، وتم إحلالهم من جميع مناصب الدولة وعينوا من يدين لهم بالولاء والطاعة ويعتنق الزيدية. عمل الأئمة الزيود على ترسيخ التمايز الطبقي والإستعلاء بين أبناء الهضبة الزيدية وإحتقار الأعمال الزراعية والحرفية التي يعمل بها معظم سكان تهامة. إستمر أهالي تهامة بالمقاومة ضد الأمامة وسبقت باقي مناطق اليمن حتى ثورة سبتمبر عام 62 والتي سقطت فيها الأمامة وحلت مكانها العهد الجمهوري التي تأملت فيها تهامة خيراً ولكن كانت الطبقية والعقائدية هي الصفة السائدة وتعاملت الحكومات اليمنية المتتابعة منذ بداية العهد الجمهوري وحتى يومنا هذا بإعتبار منطقة تهامة مضمونة الولاء والتبعية ومركز إقتصادي ومخزون بشري، لإنه لايحق لأبناء تهامة أن يكونوا أحراراً وأسيادً على أنفسهم ولا يقبل منهم سوى أن يكونوا تابعين مُستغلين لتحقيق مكاسب ومصالح شخصية لغيرهم دون أدنى منفعة تعود عليهم وعلى تهامة. ورغم كل التضحيات والنضال التاريخي إلا إنها لم تحسب وتشفع للتهاميين وإستمر إستبعادهم من كل المناصب المدنية والرتب والعسكرية في العهد الجمهوري وكانت وتيرة الأحداث مشابهة تمامًا لعهد الأمامة حيث لم يحدث أي تغيير يذكر، حتى مع وجود كوادر وطنية متخصصة في عدة مجالات ومع تقديس بعض أبناء تهامة لبعض الأحزاب السياسية في اليمن لم تشفع لهم بتشكيل حكومي ولا تولي حقيبة وزارية كنظرائهم من باقي المناطق في اليمن .