في الذكرى التاسعة لتحرير العاصمة عدن
” عدن يا رمز عزتنا .. سنبقى للأبد نهواك ”
د. محمد الزعوري
وزير الشؤون الاجتماعية والعمل
من هنا كانت البداية .. حين بلغت القلوب الحناجر ، وشبح الحرب يخيم على سماء المدينة بغطاء كئيب من أدخنة البارود .. وروائح الموت في كل مكان ، وأصوات القذائف وأزيز الرصاص سيدة الموقف .. وتتار العصر يستبيحون المدن ويزهقون الأرواح ويحرقون في طريقهم الأخضر واليابس ، يوم سقط الرهان وتخلى القوم .. وغادرت المدرعات والأطقم وتشكيلات العسكر ولجانها الشعبية أرض المعركة .. وتلاشت كالغيوم مخلفة ورائها بقايا من ضجيج استعراضاتها الزائفة يملئ أرجاء المدينة المغدورة قهرا وكمدا ..
وفي لحظات من الذهول والاضطراب حين ظن الجمع بالله الظنون .. انبثق من بين أزقتها وحواريها ثلة من الشباب المقاوم ليس لهم في الحرب سابق تجربة ، ولايملكون العدة والعتاد إلا ما ندر .. تسلحوا بالإرادة والعزم وقوة الحق ، توشحوا بعلم الجنوب وتترسوا بأرصفة وجدران مباني مدينتهم الصامدة ، وقرروا خوض غمار المواجهة بلا تردد بسلاح ايمانهم الراسخ بالنصر .. وانتمائهم لشعب عظيم لا يتوقف ممده ، فتخلقت المعجزة وصدحت حناجر محبيها بأنشودة البقاء ” عدن يارمز عزتنا سنبقى للابد نهواك ، وفوهة نار بركانك ستحرق كل من عادك ” وعلى ايقاعها هبت المواكب تزحف لتغسل شطئانها الذهبية من درن تتار الألفية الثالثة ، وتبدد أوهام ” قم ” الى غير رجعة .. ومع بزوغ خيوط فجر السابع والعشرين من رمضان من عام ١٤٣٦ هـ (2015م) كان شعب الجنوب ومقاومته الباسلة يدشنون اول الفصول في ملحمة تحرير الجنوب من براثن الاحتلال البغيض ليعيدوا إحياء تاريخ شعب أبى الاستسلام منذ وطأت أقدام جحافل الأيوبيين بقيادة ” الزنجبيلي التكريتي ” ، وعلى أسوارها الحصينة تحطمت أحلام ” المماليك ” و” الطاهريين ” و ” الأئمة الزيود و” العثمانيين ” واحفاد القبطان ” هنس ” وهاهي عدن من جديد ترسم تفاصيل لوحة العشاء الأخير لاتباع الفرس وأذنابهم ..
ومن رحم المستحيل كانت عدن بوابة العبور الكبير لكسر شوكة الاطماع الفارسية مسنودة بزخم الأبطال القادمين من كل بقاع ارض الجنوب ومدنه وقراه التي تدفقت شلالات من الغضب والعنفوان لكسر الحصار وفتح المعابر والطرقات للولوج الى قلب المعركة الخالدة .. مسنودة بعاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ، لتبقى تفاصيل معركة تحرير عدن ماثلة عيانا في أخاديد جبالها السمر ، ومنسوخة في دفق تيارات بحرها المضطرب ، وفي قصص مجدها الحاضرة في أثير نسائمها المعطرة برائحة رمال برزخها العتيق ، وما زالت حية في صدى تراجيع قلاعها الحصينة في ” التواهي ” اسطورة المقاومة ، والمعلا ” رمز العلا ، ” وخور مكسر ” البرزخ الذي تكسرت على ضفافه مغامرات التيه الحوثي ، ” والمنصورة ” قلعة النصر بلا منازع ، و” البريقا ” البرق الساطع الذي بدد أحلام الهيمنة والجبروت لتبقى عدن عنوان النصر وقائدة الجموع للتخلص من وقع الخطيئة ودنس الخونة وأرباب المغامرات .
” عدن يارمز عزتنا .. سنبقى للأبد نهواك ”
المجد والخلود لشهدائناء الابرار
النصر والعزة للجنوب