أثبتت التجارب بأن إحراق الذات والتدمير الممنهج للنفس وللأنصار صناعة تخصصية لا تجيدها سوى الشرعية اليمنية المهاجرة ومن وراءها التحالف العربي، وبمعدل استقطاب متعمّد يخلط الأوراق ويبادل بين الأدوار، ليعيد ترميز الصراع وفقاً لإجندات داخلية وخارجيّة دأبت عاصفة الحزم من يومها الأول للوصول إليها مسترشدة بتعويم الفساد بين المجتمع كثقافة لا تقبلها كمبدأ ولكنها تأخذ بها من باب التقية بما يتلائم وينّسجم مع مقصدها من الحرب، ومازالت تسير صوب الانقلابيين بسرعة 250 ميل ساعة لكل عقدة من تعقيدات الشمال، حتى عرّجت يميناً تتقدم نحو الجنوب فتحييد من طريقها كل ذي مبدأ وقيم وطنية نبيلة راسخة.
عشر سنوات من الحوكمة سلباً إلا ويتوارى ذلك التحالف تحت ضغط أحداث الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، وخلفه يثار كثبان من الأعذار والشكوك نفوراً عن حارس الإزدهار، خشية التورّط في تحالف جديد يكسر قواعد اللعبة فيبخس عليه ما كسبه وما حرص على تحصيله وجمعه طيلة تواجده يتحّكم في المشهد اليمني عن بعد وعن قرب، ليظهر انصار الله كعادتهم بلاءاتهم وطقوسهم العتيقة ومن وراءهم إيران أحرارًا أحرار – ثوارًا ثوار… يرددون الصرخة يثأرون لأنفسهم من أنفسهم وبالتصدّي للأمريكان واليهود وأذنابهم في المنطقة على حد وصفهم، ومن باب فك الحصار عن غزة باستكمال الحصار على اليمن وتصديره للأقليم.
التالي: تأزيّم المأزّم وتقسيم المقسّم وحصار المحاصر أصلاً، وما زالت النتائج بطوفان الأقصى ومن يوم 7 أكتوبر تتوالى والخسائر في توسّع مستمر بحراً وبراً، ولا يوجد طريقاً مثالي ومضمون لتجنيب البلاد شر تداعياتها، سوى إعادة تشغيل مكنة الشعارات الجوفاء بمرجعياتها الثلاث المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن 2216، وتدعيمها بأحد رموزها الكبار أحمد عوض بن مبارك صاحب الخبرة الطويلة في فهم بؤر الاختلافات وترشيد استهلاكها، مهمته هذه المرة يوقف تآكل هيبة الانتقالي ويمنع عنه تدهور حالته الصحيّه بين انصاره، وفي نطاق محدود لا يمنحه قوة ليجول في رحاب أهدافه متحرراً من القيود المفروضة عليه، ولا يتراجع دوره لينهار إطاره التمثيلي للقضية الجنوبية المعترف به دولياً فلا يوجد ساعتها من يقوم مقامه يوقع على إنهاء ملفها بالشكل الذي يرغب فيه التحالف هذا من جهة، ومن جهة أخرى يجر الإخوان الممنوعين من الصرف فينأى بهم بعيداً عن التيارات القادمة من المحيط الأطلسي خوفاً من أن تعوضهم عن انكسارهم رِفعة تفتح عيون سادتهم على أمل إنعاش ثورة فبراير للتغير 2011 من جديد، والتي لم يبقى من ريحها سوى عطلة رسمية على كل عام واحتفالية ساحة الحرية بتعز وتهنئة توكل كرمان المقتضبة من مخدع قصرها الممرد بالزجاج بنيويورك، وهي عند كل مرة تصعد فيها ” منبر بلقيس حمامة سلام” تحرص أن لا تظهر من بين غطاء رأسها التقليدي المرأة المنكوبة سياسياً والضعيفة معنويّاً قبالة “مالك الجن والإنس سليمان؛ بل الحكيمة المتماسكة والصلبة التي تصون قومها وتحثهم على استمرارية المضي في درب الثوار وضرورة التحلّي باليقظة مع الالتزام بوحدة الهدف والمصير الوطني كشرط رئيسي لتحقيق النصر واحضار لها عرش السيادة اليمنية الضليل، وقبل أن تقوم من مقامها ويرتد إليها طرفها، وبلسان حالٍ يقول: أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلة وكذلك يفعلون.