ان انتشار الجريمة في المدن والمجتمعات ليس سببها ضعف الأمن وهوان السلطات في معظم الحالات، وانما السبب الرئيسي هو التساهل في عدم انزال العقوبة بالمجرمين والقتلة، وعدم تطبيق العدالة.
ان عدم تنفيذ القصاص بحق المجرمين، يشجع على المزيد من القتل والاجرام، ولنا ان نشاهد اليوم ماذا يحدث في بلادنا من ازياد الجريمة وتفشي بصورة كبيرة
قال تعالى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
ومدلول ذلك انه لن تستطيع حماية ارواح وحياة الناس الا بالقصاص من المجرمين، ليكون ذلك الرادع لهم ولغيرهم من ممارسة الجريمة، وبالتالي تستطيع صون امن المجتمع وتحافظ على حياة الناس.
بدون العدالة لن نستطيع بناء مجتمع قوي ومزدهر وآمن، فالعدالة شرط للقوة والحظوة والرفعة، فقد قال الامام ابن القيم رحمه الله”ان الله يرفع الامة العادلة وان كانت كافرة ويضع الامة غير العادلة وان كانت مسلمة” اذن ما الفائدة من الاسلام بدون عدالة، ما الفائدة من الايمان بدون عدالة، ولنا ان ننظر لحالنا اليوم وحال اوطاننا لنعرف قيمة العدالة في حياة الامم والشعوب التي قطعت شوطا في التطور والرخى والرفعة، لانها قدست العدالة وعملت بها.
لقد أوجب الله حفظ الحياة، وحرم التعدي عليها، بأي شكل من الأشكال؛ وشرع ما يزجر المعتدي عن اعتدائه؛ ففرض القصاص، وهو تشريع لا يهدف إلى الانتقام من القاتل، وإنما يهدف، أولا وبالذات، إلى تحصين حياة الناس، وحفظ أرواحهم، وتحقيق أمنهم. وهنا يجدر التذكير بأن قيمة الحياة البشرية قيمة واحدة، والتعدي على حياة شخص واحد يعتبر في شرع الله تعديا على الحياة كلها.يقول الله تعالى: {..مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً..} فإذا كان القاتل لنفس واحدة متعديا على البشر جميعا فإن الذي أحيا نفسا بشرية واحدة، وحماها مما يهددها، هو صديق الحياة البشرية كلها.
وعقوبة القصاص قدرها الله عز وجل. ومادامت العقوبة من الله فهي جزاء عادل من خالق البشر، وضعت لانتهاك حق من حقوق الله أو حقوق العباد. وإعدام الجناة يهدف إلى تحقيق العدالة بين الجريمة والعقوبة؛ وذلك بتطبيق القصاص .
وإذا كنا نعلم أن تطبيق هذه العقوبة لن يقضي نهائيا على جرائم القتل، فإننا على يقين بأنها تشكل رادعا قويا؛ وقد أثبتت فعاليتها؛ في إصلاح الفرد والمجتمع. فالواقع يثبت أن إعدام الجناة هي العقوبة المؤكدة التي تردع المجرمين، ويمكن بها التخلص من المنحرفين الذين اعتلت نفوسهم وقست قلوبهم، واقترفوا الجرائم النكراء التي تهز كيان المجتمع، وتهدد نظامه العام ومصالحه الأساسية.
فالإنسان الذي ليس له ضمير ولا وازع ديني أو مراقبة داخلية، تردعه العقوبة الصارمة؛ فيسلم الناس من شره. وقد أثبت التاريخ أن الحدود، حين أقيمت في عصور الإسلام الزاهية، أمن الناس على أرواحهم وممتلكاتهم. أما في حالات إلغاء هذا التشريع الحكيم العادل، أو تعطيله، فإن القتل يفشو بين الناس، كما تفشو كثير من الجنايات، ويهون أمر الدماء على الناس. ومن هنا، نفهم قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }