تثبت لنا التجارب المختلفة والمتعددة للشعوب؛ بأن إنتصاراتها ونجاحاتها الوطنية وتغلبها على كل ما واجهته من مخاطر وتحديات ومؤامرات؛ والتي أستهدفت كياناتها وخياراتها الوطنية ومستقبلها؛ قد أرتبطت وبدرجة حاسمة بوحدة جبهاتها الداخلية؛ وكانت هي حائط السد المنيع الذي حال دون وقوعها فريسة لأطماع وأهداف أعدائها؛ ولعل الحوار الوطني الجنوبي؛ قد حقق قدراً كبيراً على هذا الصعيد؛ الأمر الذي يتطلب مواصلته وبهمة وطنية عالية؛ وبخطوات إستثنائية ملموسة والإستفادة من التجربة السابقة والبناء عليها؛ مع تفعيل ملموس لمخرجات ووثائق اللقاء التشاوري الأول؛ والعمل بموجبها حتى لا تفقد قيمتها ومضمونها الوطني وتتحول إلى مجرد وثائق ميتة؛ وإستكمال ماتبقى من مسيرة الحوار وبصورة عاجلة؛ ففي ذلك ضمانة حقيقية لمواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بالجنوب حاضراً ومستقبلاً؛ وهي كثيرة ومتعددة المصادر والإتجاهات والأهداف والأبعاد؛ وهي أيضاً ماثلة اليوم وبوضوح أمام أنظار الجميع.
فإذا لم يستشعر الجميع بخطورة اللحظة الراهنة؛ أو أن يبقى البعض مع الأسف الشديد حبيس التمترس خلف مصالحه الخاصة وحساباته الآنية الخاطئة؛ أو بتلك المحكومة بأرث الماضي وبردود الأفعال؛ وبنوازع الإنتقام والإنتقام المضاد وتصفية الحسابات القديمة؛ وهي التي أصبحت في ذمة التاريخ ولن تقدم شيئاً للمستقبل إطلاقاً؛ بل تعيق التقدم نحوه وتضع العراقيل في طريقة؛ فإن الندم سينتظرهم في قادم الأيام؛ وسيكون الجنوب وشعبه هو الخاسر الأكبر في نهاية المطاف؛ وهم الذين يدعون العمل من أجله ويرفعون شعار الدفاع عن شعبه؛ وحينها لن يرحم التاريخ لأولئك الذين خذلوا شعبهم وتنصلوا من مسؤوليتهم الوطنية والتاريخية والأخلاقية؛ في لحظة فاصلة يتوقف عليها مصير الجنوب ومستقبله.
فاليوم وعلى قدر همة ووحدة الجنوبيين وحرصهم الوطني المشترك؛ وعلى قاعدة الندية الوطنية وتبادل الأراء والأفكار وبروح منفتحة ومسؤولة؛ تنشد الإنتصار للجنوب؛ وتعلو فيها قيمة الحوار كضرورة تاريخية ورافعة وطنية كبرى للخروج من دوامة الصراعات ومغادرة دوائر التشكيك والتخوين للآخر؛ وبناء أسس متينة للثقة المتبادلة؛ كشرط حاسم ليذهب الجميع معاً وبأيادي متشابكة نحو المستقبل الذي يليق بالجنوب وتضحيات أهله العظيمة.