الجمعة , 22 نوفمبر 2024
كتب/ سمير القاضي
أستاذنا القدير..
تركت فينا مالا يمحوه الزمن،
تتلمذ على يدك الدكتور والمهندس والمعلم والقائد العسكري وكثير من ذو الشهادات والمستويات العلمية العالية.
أفنيت عمرك وعنفوان شبابك في خدمة هذا الوطن تحملت مشقة الحياة وشغف العيش، فضلت خدمة الوطن عن جمع المال وحياة الترف، وهّجت قناديلاً لجيل تربى بكنفك وعبٌَدت طريق مستقبلهم المزدهر.
تناسيت مصالحك الشخصية،
تركت فينا مالا يمحوه الزمن..
عرفنا فيك التواضع ولين التعامل والحزم والعزم والتعاون ودماثة الإخلاق والكرم والعفو وحب الخير والعفة والاعتماد على الذات..
تناسيت نفسك استاذي القدير وتناستك الحكومات المتعاقبة، لن تتحصل على أقل مما حصل عليه أشباح وخفافيش الظلام، وحتى تلاميذك وتحديداً ممن وصل منهم إلى درجة عالية من العلم والثراء المناصب القيادية.
لن يوفوا وللأسف حتى بكلمة جبر خاطر، حتى بكتابة موجزة عن سيرتك وانجازاتك تراها عيناك وتفتخر حينها لكونها اعترافاً من تلاميذك الذي تفضلت عليهم بدراسة الأعداد الطبيعية وطرق الجمع والطرح وتثبيت الحروف الهجائية بأدمغتهم والمعارف والعلوم المختلفة.
كنت تربوياً ومعلماً ناجحاً، اكتشفنا نجاحك عندما أمتهنا مهنتك والمسؤلية التي كانت تقع على عاتقك وأديتها على أكمل وجهة واقتدار.
علمتنا تلاميذاً وأرشدتنا معلمين أوكلت إلينا مهمتك قبل أعوام قليلة عند إحالتك للتقاعد وأنت بكامل حيويتك وعطاءك وحتى نشاطك الرياضي الذي كنت تتمتع فيه..
كنت صنديداً شامخاً لن تدنو لأحد خلال مشوار حياتك الحافلة بالتضحية وعمل الخير للناس والوطن.
مقولتك دائماً كانت إننا نعامل الله ولا نعامل بشر وكلما نعمله يجزينا به الله لا نتطلع لمتاع الدنيا وزينتها الفانية، لا نمد أيدينا إلا للعطاء والمودة والسماحة.. فعلاً هذه أقوالك وسجاياك التي طبقتها مجال عملك وواقعك الاجتماعي المشهود له.
استاذي القدير والشيخ الفاضل.. رحيلك أذاب قلوبنا نحن تلاميذك ومحبيك الأوفياء عكر صفو حياتنا وجعل نهار أيامنا ظلاماً دامس نتجرع مرارة فراقك الأبدي..
لقدكنت شيخ قبيلة الدباني وواجهة من واجهات حالمين الاعتبارية، صاحب كلمة وحكمة وعقل رزين وصادقاً أمين تهدر راتبك الزهيد وما جمعت من غلال أرضك لتقارب بين فرقاء تتحيد إلى المظلوم وتنصفه وتنصح الظالم ينصاع للحق..
تحديت الصعاب وتجاوزتها وواجهت المحن وغلبتها، كنت للصبرةعنوان ومؤمناً بحكم الله وقدره، فارقت أعز أهلك واحتسبت فارقت أبويك وهما يدعون لك لبرك بهما، وفارقت إخوانك وهم يكنوا لك المخوة الصادقة، فارقت أولهم كريمتك وهي راضية عنك وبوصولك لها وفارقت ثانيهم الشاب اليافع ربيع وأنت تمد يدك السخية له لمواصلة دراسته، ثم القائد الشجاع الشهيد سيف علي، والفقيد الاستاذ عبيد علي، والشهيد المغدور به العميد حسن علي سيف، وولده النجيب.
وأخيراً شريك حياتك أم أولادك وهي تبتهل إلى الله بأن يعينك ويوفقك ويمدك بالعافية بما رأته فيك من لطف المعاملة والعناية الفائقة بعلاجها إلى أن أنزل الله قول الحق عليها، غفر الله لك ولهم جميعاً.
احتسبت وتحملت الاحزان وكتمتها، وكل مُصيبة كانت تصيبك تزيدك شموخاً واصراراً وتمسكاً بالله بقولك كما أمرك لاحول ولا قوة إلا بالله.
بشاشة الوجه لن تفارق محياك منذو عرفتك، بساطة حياتك كانت مثلاً رائعاً ونموذجاً يحتذى به.
أملاك والدك يعش منها المعدمين ويسكن بداخلها من جار عليهم الزمن لا مٌن ولا استعلاء منك،
تنازلت عن الكثير منها لتسهيل الطرقات وبناء المساجد والمصالح العامة.
فارقتنا أبو صالح ونحن بأشد الحاجة إليك وخاصة بهذه الأيام العصيبة التي تحتاج لأمثالك لحل قضايا الناس لكون العدل من سماتك والزهُد والاخلاص وتقوى الله من مبادئك ومحاربة الفساد العام وحب الوطن والشفافية والمصداقية والصراحة من قيمك.
نعزي الوطن قبل تعازينا لأهلك ونعزي أنفسنا وأولادك ومقربيك ومحبيك بمصابنا الجلل
نسأل الله أن يسكنك فسيح جناه ويلهمنا الصبر والسلوان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
محبك تلميذك وزميلك الأستاذ سمير القاضي
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 19, 2024
نوفمبر 17, 2024
نوفمبر 11, 2024