ستون عاماً انقضت على أول طلقة نار صوبها ثوارنا مناضلو الرعيل الأول تجاه سطوة جبروت امبراطورية عظمى جثمت على صدور شعبنا ردحاً من الزمن بلغ مداه قرابة القرن ونصف القرن، استعمرت فيه فكر الإنسان تزامناً مع استعمار جغرافية الوطن…
لم يكن باليسير صناعة فكر خلق ثورة لاسيما في ذلك الزمن، لما قد تم رسمه في الأذهان من استحالة مجابهة من لا تغيب عنها الشمس من قبل شعب ظل 129 عاماً تحت سطوة الاحتلال، وبإمكانياته المحدودة…
الإرادة وحدها كانت كفيلة بشحذ الهمم، والإصرار كان البارود المشتعل في النفوس قبل أن تقذف لهبه فوهات بنادق الأحرار…
أعلنت الطلقة الأولى، وطيلة أربعة أعوام توهج العنفوان ولم تلن العزائم، استمر الكفاح وولّد النجاح المتتالي بوادر انتصار وشيك على أسطورة عملاقة الهيبة، إلى أن رآها المكافحون مجرد نمر مصنوع من ورق…
مع كل انتصار بسيط تضاعفت العزائم بشكل كبير حتى برزت القوة التي هزت جبروت الامبراطورية العملاقة وباتت تخشى جبروت المارد الوليد ..
تغيرت الموازين وتكشّف ستار المبادئ لتبرز العقيدة التي تقف خلف كل تضحية لتصنع انتصاراً، هكذا استمرت إلى أن تُوّجت بالنصر العظيم في الثلاثين من نوفمبر لعام 1967م.
لا وجه للمقارنة مع ما نعيشه اليوم من احتلال همجي حديث من حيث صنع سهولة الانتصار، فلنا أن نستلهم من أسلافنا العظام ونتمعن القراءة في أبجديات ثورتنا الأم لنصنع انتصارنا الثاني المنتظر ..