القمندان نيوز – كتب / للكاتب والأديب عبدالعزيز الأعجم
إنَّ ردفانَ والثورةَ متلازمان حدَّ الانصهار ، فردفانُ هو الثورةُ، والثورةُ هي ردفان، وما ذُكرَ ردفانُ في أي زمان ومكان إلا ذُكِرت معه الثورةُ وتعالت الأصواتُ رفضاً للخنوعِ والمهانةِ والذلِّ والعبودية..
ردفانُ هو الصخرةُ التي تحطم دائماً زهوَ وكبرياء الغزاة الطامعين، فما من غازٍ إلا وحَسَبَ لردفان ألفَ حسابٍ ،وحاول جاهداً ليأمَنَ غضبها وثورتها..لكن ردفان ومع كل ذلك ظلَّ لغزاً مبهماً لم يستطع الغزاةُ فهمهُ ولا احتواءه، فهو عصيٌّ بالفطرةِ، لا يقبلُ الترويض ولا يقبلُ التدجين أبداً.
ردفانُ الجغرافيا التي ينامُ تحتها ماردُ الحريةِ العملاق، وهي الأرضُ التي تشعُّ من باطنها طاقةُ التمرد والرفض والعصيان لكل ممارسات الإذلال والعبودية..
وتمتدُّ أرضُ ردفان حالياً لتشملَ أربع مديريات،تُعرفُ “برباعية ردفان” ، وقد ذاع وشاعَ اسم “ردفان” الثورة في مشارقِ الأرض ومغاربها..وأكبر مدن ردفان هي مدينة ” الحبيلين” المدينةُ التي تعشق الثورة، وهي مدينةٌ تتوسط ” رباعية ردفان” وتحتضن تمثال رمز ثورة الرابع عشر من أكتوبر التي انطلقت من جبال ردفان الشمّاء في ١٩٦٣م ضد الاستعمار البريطاني ..وهو نصب تذكاري للثائر الشهيد / راجح بن غالب لبوزة ،رحمه الله ،ويبدو فيه شامخاً، رافعاً بيدهِ بندقية الثائر في وجهِ الاحتلال والاستعمار.
والزائرُ لردفان يقرأ في وجوهِ أبنائها اعتزازاً واعتداداً بالنفس ،وشجاعةً وتواضعاً وبساطة..كيف لا وهم الذئاب الحمر بشهادة الغزاة، وهم رجالُ الحرب وصناديدُها، وهم أهلُ النخوةِ والنجدةِ والانتصارِ للحقِّ والوطن.
ردفانُ هو بيتُ الثوارِ ومعقلُ الأحرارِ على امتداد الزمان ، والمُتجوّلُ في ريفهِ وحَضَرِهِ يشعرُ بعبق المكان ومهابة الثورة،ويشتمُّ رائحة البارودِ في كل الأزقّة والأمكنة.. المآثرُ والتضحياتُ التي اجترحها أبناء ردفان ،عبر الأزمنة والمراحل المختلفة، تتحدث عن تاريخٍ عظيمٍ ومشرف ، وتتلو قرآناً خاشعاً يملأ الشعاب والهضاب، ويتجول في كلِّ قُرى وحواري وشوارع وأزقّةِ ردفانَ الشامخ الثائر..
ردفانُ الذي ظل على مر المراحل ثائراً لأجل الحرية والحياة الكريمة،لا تكاد تدخلُ بيتاً من بيوتهِ إلا واستقبلتك صور الشهداء والمناضلين التي تُعلّقُ على حيطان المجالس فخراً واعتزازاً ..حتى الأطفال يفاخرون بمآثر آبائهم وأجدادهم ويقفون أمامها بزهوٍ وشموخٍ وتعظيمٍ وافتخار.
وإلى جانب الثورة والتضحية والفداء ..نجد ردفانَ ولّاداً للقادة ورجال الدولة والأدباء والفقهاء والحكماء والمفكرين والمثقفين..
ولقد جاء ذكر ردفان الثورة في كثير من الكتب ،وتصدر اسمهُ الكثير من الصحف المحلية والعربية والعالمية، كما تغنى بهِ وبمآثرهِ الشعراء والفنانون العرب،وكتب في مناقبهِ السياسيون ورجال الدين والفكر والثقافة..
وقد قلت في ردفان ذات يوم:
عِشتَ يا ردفانُ يا إلياذةَ الثوارِ يامجداً مدى التاريخِ يُتلى أنتَ حقٌّ ويظلُّ الحقُ على الباطلِ أعلى أنتَ حُرٌّ ويدُ الحُرِّ على الخانعِ طُولى
إنّها ردفانُ مهدٌ لبداياتِ البداياتِ وبعثٌ للصباحاتِ وفجرٌ قد تجلّى وفنارٌ يبعثُ النورَ إذا الليلُ أطَلّا