كل من يتابع المشهد السياسي العام في الجنوب واليمن ويعيش تفاصيل الواقع منذُ بداية العدوان الحوثي على الجنوب وتدخل التحالف العربي بعاصفة الحزم سيدرك يقيناً إن بوصلة الحرب التي قادتها دول التحالف وأهدافها قد دخلت في متاهة الحسابات التي فرضتها معطيات الواقع التي لم تكون تتوقعها دول التحالف وعلى وجه التحديد الشقيقة السعودية، فبعد سنوات طوال من الحرب والتضحيات والتكاليف نرى إن الواقع شمالاً لم يتغير بل إزداد تعقيداً وأصبح الحوثي الذي يفترض أنه المنتهي عاد قوياً منتشياً متفاخراً ليس لقوته وقدراته بل لفشل ذريع لإستراتيجية التحالف التي وللأسف الشديد أعتمدت على أن تنفذها وتشرف عليها شمالاً بعض القوى المنتفعة الفاشلة التي نسمعها نهاراً عدواً للحوثي ونراها ليلاً تقدم له السلاح والمعسكرات والمشورة !
الإنتصار الوحيد المحسوب لتلك الرياح هو ماحققه أبطال الجنوب جنوباً وهذا الأمر الذي كان ينبقي لعاصفة الحزم أن تفاخر به وتجعله نموذج يحتذى به لإفشال المشروع الحوثي الإخواني ولكن ما الذي حصل بعد سنين الحرب وشلالات الدم غير الدخول في دوامة المعاناة والفقر وإنقطاع الخدمات وغلاء المعيشة وإنهيار العملة وبؤس شديد وحالة إمتعاض لتلك السياسات الفاشلة التي جلبتها لنا عصابات الشر الهاربة من منازلها الآتية الى الجنوب لكي تقاسم شعبه الأرض والقرار السياسي وتوغل في نهب خيراته وتنسج المؤامرات عليه في صورة عدائية تعكس مدى حقدها تجاه الجنوب وشعبه،
هكذا غابت الرؤية وشرعنا في الدخول من بوابة المتاهة الطويلة في دهاليز مظلمة يحتاج الخروج منها ذكاء شديد وحنكة قيادية وتمترس فالتشعبات بالجملة والأعداء كثيرون والخيارات تحتاج الى تمحيص وردود الأفعال لم تعد مجدية في مواجهة واقع إزداد تعقيداً وأكثر حساسية،