الأحد , 24 نوفمبر 2024
هند العمودي
عدن المدينة التي ترقد بين الجبل والبحر هي مدينة كثيرة الالفة التي تشعر ان دخلتها أنك تعرفها منذ زمن بعيد.
اعتادت هذه المدينة الحياة المدنية وشكلت المظاهر المسلحة التي انتشرت بسبب الحرب عامل ازعاج للسكان فترة ما بعد التحرير.
نساء كريتر في مواجهه حمل السلاح
في عدن أطلقت وزارة الداخلية مؤخرا حملة واسعة لمصادرة الأسلحة غير المرخصة ومحاسبة مستخدميها بطريقة غير قانونية لكن تلك الخطوة كانت الاخيرة فكيف بدأت الحكاية.
لعبت المرأة في هذه المدينة دورا كبيرا في محاربة هذه الظاهرة التي انتشرت على نطاق واسع بين الشباب فترة ما بعد الحرب التي عاشتها المدينة المسالمة.
عمدت النساء وبخاصة نساء كريتر الى مواجهة الظاهرة بالنصح اولا ثم بالضغط والاحراج لتبدأ الظاهرة بالتراجع بنسبة محدودة لكن تلك النسبة البسيطة المقدرة بنحو 3-5% كان لها ما بعدها.
تقول فاطمة عبد الله بنت عبد الله (54 عاما) التي تسكن في القطع “كان ابن اختي من الشباب الذين حاربوا في عدن في 2015 واستمر حتى خرج الحوثي ولكن لم يطرح السلاح بل ظل يتجول فيه بين احياء المدينة, وهدا عمل غير صحيح كونه يسبب خطر عليه وعلى المجتمع لذلك طلبنا منه ان يترك حمل السلاح الى ان يأتي دوره وللعلم ابن اختي ليس بجندي لكي يحصل على رخصة حمل سلاح انما كان طالب في الجامعة”.
وتضيف ” بعد الضغط عليه مرات عديدة قبل ان يضع السلاح ويوقف عن التجول به في شوارع المدينة”.
من جانبها تقول نعمة عبد الله (43 عاما) تسكن حارة القاضي “كان ولدي من الشباب الدي يحب حمل السلاح وفي تلك الفترة ترجيته في عدم حمل السلاح لكونه خطر لكن رفض وقال نحن رجال ومن العيب ان مشي بدون سلاح ونحن حاربنا الحوثي وكيف الان نطرحه قلت له اهدأ ياولد قبل ما تعمل لك مصيبة وتضيع عمرك حط السلاح واني بزوجك ومن هداك الوقت ابني ندق السلاح وماعد رجعله”.
رحمة القعيطي التي كانت وعدد من صديقاتها تتجول في احياء المنطقة وتحاصر الشباب الذين يحملون السلاح وتعمل على احراجهم تقول” كنت انا ومجموعة من النساء نقوم بمواجهة الشباب الذي لهم أسلوب النفخ بسلاح من خلال ضربهم بمزاح بالعصاء ورشهم بماء ونقدم لهم النصح وإذا لم يمتنعوا نستمر في احراجهم حتى يتوقفوا عن التجول بالسلاح كونه منظر مزعج لنا في عدن ونحن نعرف ان عدن مدينة السلم والامن وغير قابلة لمثل هذي المظاهر”.
تضيف رحمة “الحمد لله بدا التأثير في الشباب، صح في البداية كان صعب لنا اقناعهم ولكن استمرينا نحاول معهم وجابت المحاولات نتيجة ولو بسيطة يمكن 3-5% لكن احنا ماسكتناش قمنا وسعنا الحملة”.
دور المجتمع في الضغط على الجهات المختصة..
اخذ الحديث عن ظاهرة انتشار السلاح وسوء استخدامه يتصاعد ويتسع بين فئات المجتمع بدرجة كبيرة في عدن وذلك بسبب انتشاره الكثيف بين ايادي المواطنين وما نتج عن ذلك من مشاكل.
يقول (رامي حسين) – مواطن “لعبت نساء كريتر دورا مهما في محاربة هذي الظاهرة وكانت لهم الأولوية في نجاح هذي الحملة التي كنا نحلم بها كمواطنين متضررين من انتشار السلاح وطلبوا مننا انه نكتف الجهود معهم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي تكملة لجهودهم التي بدؤها ولاحظنا تفاعل كبير على نطاق واسع على السوشيال ميديا”.
(علاء الردفاني) الذي يسكن في عدن قال: ” البعض يستخدم السلاح في الشجارات العائلية وفي المناسبات الاجتماعية حتى أصبحنا نشاهد ما يمكن تسميته بسباق بين المواطنين والقبائل ويعتبر هدا الامر تهديدا حقيقيا للسلم ولذلك كثفنا المطالبة بالتصدي للظاهرة”.
وفي سياق الحدث التقينا المواطن (منيف يحيى) أحد جرحى الرصاص الراجع الذي يتم اطلاقه في الاعراس وأصبح الان معاق لا يتنقل الى بعربته يقول منيف: “اود ان أقدم نصيحتي لكل حامل سلاح ان هناك أطفال ونساء ممكن ان تقتلهم فرحتك او تدمر حياتهم ويصبحوا عبئ على اسرهم لذلك يجب منع إطلاق الرصاص في الاعراس ومنع حمله الا بوجود تراخيص”.
مع ارتفاع وتيرة الاستياء بين المواطنين اخذت حملة الرفض المجتمعي في الاتساع فأطلق نشطاء التواصل الاجتماعي حملة واسعة تحت هاشتاج #عدن أجمل بلا _سلاح.
دعا الناشطون كافة المواطنين ووسائل الإعلام ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى التفاعل مع حملة الضغط الامر الذي دفع بالاجهزة الامنية للاستجابة وتنظيم حملة امنية موسعة للحد من المظاهر المسلحة في المدينة.
ادى ذلك التفاعل الى التضييق على من يحملون السلاح واشعارهم بأن لا بيئة حاضنة لمثل ذلك السلوك ما سهل القيام بالخطورة التالية.
دور المسؤولين في كيفية منع حمل السلاح..
يقول العميد (عبد الاله يحيى جودة) – العمليات المشتركة لوزارة الدفاع عدن..
“اننا نتعهد بملاحقة من يستخدم السلاح خارج إطار القانون مع تأكيدنا على موفقنا القانوني بشأن السلاح الواحد المنضبط بالقانون الذي تحمله الأجهزة الأمنية الرسمية فقط فإننا نؤكد على اهمية تفعيل الملاحقة الجنائية ضد المتورطين في حمل السلاح واستخدامه خارج نطاق القانون”.
من جهته قال العقيد (عبد الملك احمد) – وزارة الداخلية شرطة مرور عدن..
نحن نبذل كل جهودنا من اجل عدن أجمل يعم فيها الامن والسكينة للمواطن ونحن العيون الساهرة لخدمة عدن”.
ويضيف: “رحبنا بالجهود النسائية التي بداتها مجموعة نسميها فئة شجاعة لكونها أوصلت رسالة جبارة لنا في محاربة ظاهرة تفشي السلاح وحمله بطريقة عشوائية وانتشاره بين أوساط الشباب دو الاعمار الصغيرة التي تتراوح ما بين 17 الى 30 بطريقة خارجة عن القانون واستجابة لنداء المجتمع عملنا من اجل انتشار واسع لرجال الامن وملاحقة وسحب السلاح من أي شخص لا يحمل تصريح وقد استجاب لنا المواطنين ولهم الدور الاكبر في تسهيل عملنا والتزامهم باللوائح القانونية” .
حققت الحملة الأمنية نجاحاً يقدر بنسبة 90% في الحد من حمل السلاح والقضاء على المظاهر المسلحة في الأسواق وأزقة الشوارع لضبط الأمن والاستقرار بمدينة عدن وسط تأييد وارتياح شعبي واسع بنسبة 90%
لاحقا توسع نطاق الحملة ليشمل محافظة لحج المجاورة حيث عبرت بعض شرائح وأطياف المجتمع اللحجي عن سخطهم وإدانتهم واستنكارهم لاستفحال هذه الظاهرة في المحافظة مطالبين الجهات ذات الاختصاص باتخاذ الإجراءات الرادعة ضد التهديد لأمن وسكينة المواطنين في أماكن تجمعاتهم وملتقياتهم العامة.
يقول (أسامة احمد) مواطن من لحج “هذه الظاهرة تكون اشد خطرا حينما يمارسها صغار السن وهذا مانلاحظة هذةالايام من انتشار مفزع وجنوني للأعيرة والسلاح بمختلف أنواعه وأشكاله وهو افراز لما خلفته الحرب الأخيرة التي شنت على الجنوب عامة من قبل مليشيات الحوثي هذه الحرب تسببت في انتشار المظاهر المسلحة بين اوساط عامة الناس فلم يعد حمل السلاح حصرا على أحد او في مناسبات معينة بل أصبح يحمل السلاح كل من هب ودب “.
المواطنة (لمياء عبده) يقول من جانبها: “هناك الكثير من الشباب الذين نجدهم يحملون السلاح ليس لديهم المهارة الكافية لاستخدامه والتعامل معه وهذا السبب الذي فاقم تفشي الجريمة والتي غالبا ما تحصل نتيجة اخطاء فادحة في استخدام السلاح “.
لم تحقق الحملة في لحج نجاحا كالذي في عدن ولذلك اسباب عدة يوضحها المواطنون من ابناء المحافظة بالقول ان هناك الكثير من الاباء واولياء الامور لا يدركون مخاطر حمل ابناءهم للسلاح في الأسواق والأماكن العامة التي يفترض ان تكون لها حرمتها فهؤلاء لا يدركون حجم هذه المصيبة الا عند وقوع الفأس في الرأس كما يقول المثل.
غياب القرار السياسي والارادة السياسية وغياب الالية اللازمة للمعالجة كما يقول مواطنون أحد الاسباب الاساسية في اتساع دائرة انتشار السلاح.
مضيفين ان دور المجتمع ايضا لم يكن بذات التفاعل والاصرار على محاربة الظاهرة موضحين ان الحملات الاعلامية الرافضة وحملات التواصل الاجتماعي لم تكن بالمستوى المطلوب في المحافظة نتيجة ارتباط مساحات شاسعة من ريف المحافظة بثقافة السلاح منذ زمن طويل الامر الذي يحتاج الى حملات توعية مركزة ومستمرة لتهيئة الناس قبل البدء بعمليات الملاحقة كما يقولون.
تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي
نوفمبر 23, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 20, 2024