الخميس , 21 نوفمبر 2024
✍🏻 أحمد مطرف
السبت, 25 فبراير
وقفت كثيراً في مقال قرأتة للكاتبة الكويتية عزيزة المفرج بعنوان” أبو لؤلؤة في الطريق”، طالبت فيه قادة مجلس التعاون الخليجي بقطع الطريق على أبو لؤلؤة … كان ذلك تزامناً مع إنعقاد القمة الخليجية الـ 30 في دولة الكويت في شهر ديسمبر 2009 ميلادية .
والتي اشارات في مقالها مخاوف تزايد أعداد الايرانيين الذين يدخلون الكويت على فيزا شركات تجارية معينة تحت ذريعة العمل، وماتشهدة البحرين من اظطرابات موسمية ورسائل على الانترنت تندد بحكامها تنشرها جماعة تريد اثارة البلبلة والقلاقل هناك، مع ادعاءات ايرانية بأحقيتها فيها، بزعم أن الأكثرية فيها توجب تبعيتها للنظام الفارسي، ورسائل عبر الشبكة العنكبوتية عن نهاية المملكة العربية السعودية باغتيال يتيح المجال لجماعة أبو لؤلؤة المجوسي للتدخل، واحتلال كرسي الحكم وصولاً إلى الكعبة المشرفة والسيطرة عليها .
حيث قالت: إن هناك تقارير حول خلايا ايرانية نائمة منتشرة في مختلف دول الخليج، مدربة تدريباً عالياً، وتنتظر الوقت الملائم للانطلاق وبدء العمل، وجماعة حوثية بدأت بتدشين طريق الألف ميل في السيطرة على جزيرة العرب عن طريق قضم جنب اليمن بحثاً عن فتحة تدخل منها للسعودية، وأخبار عن تحول البصرة الى منطقة تابعة لايران مذهبياً ولغوياً واعدادها كي تكون أحد فكي الكماشة التي سكن فكها الثاني في جنوب الجزيرة العربية، انتظاراً لساعة الحسم والتقاء الفكين .
ودعت الكاتبة الكويتية حينها قادة مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم، الاهتمام الكافي بهذا الملف الشائك، والمخيف، وأن يضعوا من الخطط المستقبلية ما يضمن لهذا الاقليم السلام والهدوء والسكينة بعيداً عن أحلام سخيفة يحاول البعض تحقيقها، وأطماع مستترة ومستمرة لأتباع حضارات سادت ثم بادت .
فوجدت في المقال أمراً ربما نستطيع أن نلفت إليه كثيراً، ما أغفل عنه الحكام الخليجيون طيلت تلك السنوات الماضية، وتذكيرهم ما صنعوا جماعة أبو لؤلؤة ..!؟
الحوثيون هم قطعاً من شيعة إيرانيي الهوى والتأسيس والدعم، عندما سقطت صنعاء على يد المليشيات الحوثية، اعلنت إيران حينها عودت رابع دولة عربية في احضان إمبراطورية الفرس، كان الفرس قبل الإسلام أصحاب مشروع إمبراطوري أمتد من حدود باكستان وأفغانستان حتى الإسكندرية وأرورباء، وكان يحلم بالسيطرة على الثلاث القارات الأسيوية والأوروبية والأفريقية، وهنا نفهم بُعد كلمة الإسكندر التي قال فيها : “إنني لا أستطيع تأمين مقامي بمصر إذا كانت للفرس السيطرة على هذه المنطقة البحرية”، وكذا اهتمام قائد أسطول الإسكندر نياركوس حين أعطى أهمية خاصة لموانئ الخليج الغربية .
فالطموحات الإمبراطورية الفارسية التي تعممت بعمائم إسلامية اليوم لا يمكن فهمها إلا في سياق الطموحات الإمبراطورية الفارسية التاريخية ” المتوجة”، ومن هذا المنطلق فإن الشعارات والمصطلحات والدعوة للحوارات المبرمجة عبر الوساطة العمانية إلا نوعاً من الخداع اذا لم تستوعب أبعاد الإستراتيجية الإيرانية الجديدة والقديمة .
وتقع دعوات الانقلابيين الحوثيين للحوار هي الأخرى، في سياق المخطط الإستراتيجي الإيراني ـ شاءت ام أبت ـ ذلك المخطط الذي يسعى لاستعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية تحت شعارات إسلامية والولاء لآل البيت .
تتداخل السياسة والإستراتيجية الفارسية القديمة مع الإستراتيجية الصهيونية القديمة والصهيوأمريكية الجديدة والقديمة ويلتقون داخل مصطلح “إذابة العرب” واجتثاث حضارتهم وقيمهم وطمس معالم تاريخهم .
وما يؤسف له أن نجده يتكرر تلك السياسة التي تتعامل بها المملكة العربية السعودية مع الخطر الحقيقي الذي بات يهدد أمنها واستقرارها، هذة المشكلة التي لطالما أرقت السعوديين وحاولوا تجنبها، وبذلوا لدرئها الشيء الكثير ..
وفي اعتقادي الشخصي الحوثيون نجحوا في ثلاثة اتجاهات متوازية يعملون فيها معاً، الأول : فرض أنفسهم كأمر واقع، وقوة حقيقية موجودة على أرض الواقع، مثلما هو الحال بالنسبة لحزب الله في لبنان والصدريين في العراق .
الثاني : جر المملكة إلى تسوية سياسية معهم باعتبارهم قوة وكيان موجود على الأرض لم يعد بمقدور أحد تجاوزه، وهو ما برهنتة مخرجات مشاورات مسقط الاخيرة بين المملكة والحوثيين .
الثالث : الإبقاء على الحرب مشتعلة وإطالة أمدها وبالأخص على الجانب المؤثر على المملكة في انهاكها اقتصادياً وإضعاف دورها في المنطقة .
واليوم، وبعد تلك السنين، نجد أن ظرفاً مشابها في الواقع العربي بسبب وجود حرب على باب من أبواب الخليج تستمد وقودها من المصدر نفسه، فالحرب الدائرة في اليمن والتي كشر فيها مليشيا الحوثي عن انيابهم وكشفوا عن نواياهم عندما أستهدفوا المملكة العربية السعودية، لا يمكن فصلها عن كل المخاطر التي كانت ولاتزال تستهدف المنطقة، سواء كانت تلك المخاطر تتمثل في الحرب المباشرة او غير مباشرة من مثل التهديد بإغلاق الخليج أو إغراقه أو تدميره.
لا شيء من أدوات البحث والتفصيل في الحالة اليمنية يفيد في استجلاء المستقبل، ومواجهة مشكلة متعددة الابعاد، تكاد تعصف بجل دول المشرق العربي، فهذة الحرب هي واحدة من سلسلة الحروب المعلنة أو غير المعلنة التي يخوضها المتربصون بأمن واستقرار دول الخليج العربي، حيث تبرز قضية الجنوب القضية المحورية في أزمة حرب اليمن وعملية السلام الشامل في المنطقة والاقليم .
مايحتاج إلية الاشقاء الخليجيين اليوم هو أن يكونوا أكثر عزماً وحزماً مع القضايا التي باتت تهدد أمنهم وأستقرارهم، على اعتبار أنه لا تعاون ولا تهاون مع من يحتل جزرنا ويهدد أمننا ويهاجم حدودنا ويزرع بين ظهرانينا خلاياه النائمة ويقيم بالقرب من بحرنا مفاعلاته غير الآمنة والتي لم نسمع أنه هدد بها سوانا، فاللحظة تتطلب الابتعاد عن تبعات السياسات السابقة، فالموروث ثقيل وممتد، وحين تكون نار الهشيم عابرة للحدود، يغدو حصرها صعباً .
أن الجنوب صاحب قضية عادلة وإرادة صلبة سقفها عدالة السماء وقوتها إيمانه بحق استرداد أرضه واستعادة هويته وثقافته وحضارته الذي ناضل من أجلها عقود ماضية، وحسم حربه ضد الميلشيات الحوثية المدعومة من إيران، وكانت قواته الجنوبية التي تحارب اليوم بقطع رواتبها لأشهر عديدة من قبل شركائنا في التحالف العربي، الحليف الاقوى والشريك الصادق والسد المنيع بين الحوثيين وتمددهم في المنطقة .
ثمة عوامل تقودنا إلى منطق التحليل بأن المملكة مازالت أسير مرحلة سابقة، رغم أنها تمتلك القوة التي تقضي على أي قوة مناهضة لها، فالجنوب القضية الأهم والاكبر في الشأن العربي والخليجي والتخلي عنها هو تكرار نفس الخطأ في حرب صيف 1994م، عندما صمت الخليج أمام آلة الحرب التي شنها الشماليون وغزوا بها الجنوب واستباحوا أرضه بقيادة علي عبدالله صالح، الأمر الذي سيجعل من المشروع العربي القومي والإسلامي يعاني الكثير، لقد أصبح اليوم الجنوبيين درعاً وسيفاً يحاربون أعداء الإسلام والمنافقين، ويدافعون عن قضيتهم بقوة إيمانهم بأن ما أخُذ بالقوة لايسترد بغير القوة .
سيدفع الثمن باهضاً اؤلئك الذين يحاولون حرف بوصلة الحرب سياسياـ وعسكرياً عن مسارها الحقيقي وعدوها الحقيقي، واضاعة مزيداً من الوقت وإشغال الجنوب بحرب الخدمات وإدخاله في صراع مع الفوضى المحتدم الذي تغذيه أجندة تخدم أعدائه واعداء المشروع العربي الذي ظل يحارب لأجلة سنوات منذُ أنطلاقة عاصفة الحزم إلى يومنا هذا، وأسقط في حربه خيانات الإخوان للمملكة والتحالف بتواطئهم وتخادمهم مع عدوهم الحقيقي الحوثي وبيعهم سلاح التحالف، وكشف الكثير من المخالفات التي تم السكوت عنها، وقدم للدفاع عن قضية شعبة وأمتة التضحيات الجسام واختلطت دماء شهدائه التي سفكها الحوثي برمال حدود المملكة دفاعاً عن مكتسبات دينة وقبلة المسلمين .
الخلاصة .. ما أوردتة الكاتبة الكويتية في مقالها عن التمدد الشيعي( الفارسي ) أصبح واقعاً لامفر منة، وعلى الاشقاء في الخليج التي لم ترى النظرة الثاقبة في ما ذهبت إلية الكاتبة في تلك الفترة أن تدرك قبل فوات الأوان، بعد أن أصبحت كل المؤشرات تدل على عدم قطع طريق أبي لؤلوة المجوسي .
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 19, 2024
نوفمبر 17, 2024
نوفمبر 11, 2024