تدريجيا، بدأت آمال العثور على ناجين من الزلزال الذي هز تركيا وسوريا، منذ نحو عشرة أيام وتسبب في مقتل حوالي 39 ألف شخص لحد الآن، تتلاشى تدريجيا. وبمفاجأة تناقلت أطوارها مختلف وسائل الإعلام، تمكنت فرق الإنقاذ باليوم الفارط من إخراج سيدة وطفليها من تحت الأنقاض بعد قضائهم لقرابة 228 ساعة تحت الأنقاض.
وتعيد قصة هؤلاء الناجين الثلاثة للأذهان “معجزة” الشاب إيفانز مونسينياك (Evans Monsignac) الذي صمد تحت الأنقاض لمدة 27 يوما عقب زلزال هايتي عام 2010.
زلزال هايتي يوم الثلاثاء 12 يناير 2010، اهتزت هايتي في حدود الساعة الرابعة وثلاث وخمسين دقيقة مساء، حسب التوقيت المحلي، على وقع زلزال بلغت شدته 7 درجات على مقياس رختر. وقد مثلت مدينة ليوغان (Léogâne)، الواقعة على بعد 25 كلم غربي العاصمة بورت أو برانس (Port-au-Prince) مركز هذا الزلزال الذي دمر 90 بالمائة من مباني هذه المدينة.
نجا بفضل مياه الصرف الصحي ومن بين أعداد القتلى المرتفعة وركام المباني المهدمة، خرج إيفانز مونسينياك حيا بعد قضائه 27 يوما تحت الأنقاض. يوم الزلزال، توجه إيفانز مونسينياك، الذي كان أبا لطفلين وعاش بمنطقة بورتاي سان جوزيف (Portail Saint Joseph) الفقيرة، نحو سوق لاسالين أين امتهن منذ فترة بيع الأرز. ومع اقتراب الساعة الخامسة مساء، أحس إيفانز برجة أرضية قوية قبل أن يجد نفسه فيما بعد عالقا تحت أكوام من الأنقاض عقب انهيار السوق والمباني القريبة منه.
حسب شهادته، أكد إيفانز أنه لم يتمكن من التفريق بين الليل والنهار طيلة الفترة التي قضاها عالقا. فضلا عن ذلك، وجد الأخير نفسه دون طعام وشراب واضطر حينها للنظر حوله بحثا عما يسد رمقه عقب فقدانه الأمل في الخروج والنجاة.
وعلى حسب أرقام الحكومة الهايتية، أسفر الزلزال عن تدمير 250 ألف منزل إضافة لنحو 30 ألف محل ذو صبغة تجارية كما قدرت الخسائر المادية حينها بأكثر من 7 مليار دولار. من جهة ثانية، خلّف هذا الزلزال، الذي دمر القصر الرئاسي وأدى لمقتل مبعوث الأمم المتحدة بالمنطقة هادي عنابي، عددا كبيرا من الوفيات. فبينما تحدثت السلطات الحكومية الهايتية عن عدد قتلى يتراوح بين 220 ألف و360 ألف قتيل، رجحت مصادر أخرى سقوط حوالي 160 ألف قتيل بسبب هذا الزلزال.
في حدود اليوم الثالث، لاحظ إيفانز مونسينياك وجود بعض المياه التي تنهمر بين الأنقاض لتنزل بالقرب منه. ومع اقترابه منها، تأكد هذا الشاب من أنها مياه الصرف الصحي الخاصة بالسوق. على مدار أيام، اعتمد إيفانز على هذه المياه الملوثة كمصدر شرب. وحسب شهادته، أحس الأخير بآلام شديدة ببطنه كلما شرب منها.
يوم 8 شباط/فبراير 2010، تمكنت فرق الإنقاذ من إخراج إيفانز مونسينياك من تحت الأنقاض. وقد كان الأخير حينها مصابا وشبه فاقد للوعي كما اشتكى من آلام شديدة ببطنه وأرجاء من جسمه تزامنا مع تراجع وزنه لنحو 40 كلغ.
بالفترة التالية، نقل إيفانز نحو مستشفى تامبا (Tampa) بولاية فلوريدا. وهنالك، تلقى الأخير العلاج اللازم وخضع لفحوصات عديدة بسبب تشكيك الأطباء في مدى سلامة كليتيه.