الأحد , 24 نوفمبر 2024
يعمد الحوثيون إلى تعبئة قبائل شمال اليمن وإبقائها في استنفار دائم، لا سيما في معقلها الرئيس بصعدة، لكنه تكتيك ينقلب على المليشيات.
وباتت مليشيات الحوثي تخشى تمرد القبائل بعد أن ضاقت بتسلط المليشيات وجرائمها، حيث تلجأ إلى حشد وإجبار القبائل للخروج في وقفات مسلحة منفصلة ويومية، في مسعى لترسيخ سيطرتها على المستوى المحلي والحفاظ على إمداداتها اللوجستية والبشرية في محارق الموت.
محاولة يائسة وتنصل من الجريمة
وتحاول مليشيات الحوثي يائسة تصوير الوقفات المسلحة القبلية على أنها انعكاس لإجماع داخلي على بقائها في الحكم، وكجزء من تعميد الثقة بالقبيلة كعامل أمان داخلي؛ إلا أن شيوخ قبائل يمنيّين قللوا من تأثير تلك الخطوات وأكدوا أن القبائل تتحين الفرصة للانقضاض على المليشيات.
وتجلت تلك الصورة بوضوح قبل أيام عقب قتل مليشيات الحوثي الشاب إبراهيم يحيى هشول الثماني في صعدة؛ وتدافع قبيلة “الثماني” في مديرية سحار بمعقل المليشيات لتنظيم وقفة قبلية أجبرت الميلشيات على الخروج والاعتراف بالجريمة، في مسعى لاحتواء الغضب القبلي.
وفي اعترافها بالجريمة تحت ضغط القبائل في معقلها الأم، ذهبت المليشيات الحوثية لتبرير القتل بتحميله مجموعة من عناصرها للتنصل من المسؤولية بزعم أنها “تصرف فردي” في وقت بات الجميع يدرك أن الانتهاكات الحوثية منهجية وتلقن كمعارف عملية لكل عناصر المليشيات المكلفين بالمهام الأمنية.
مخاوف الاختراقات
وقال قيادي قبلي في صعدة -فضل عدم ذكر اسمه- إن “المليشيات تلازمها مخاوف الاختراقات الأمنية عبر المكون القبلي في محافظة صعدة، الأمر الذي يدفعها كذلك إلى تبني مواقف أمنية متشددة حتى ضد الأفراد وكان آخر هذه المواقف جريمة قتل الشاب إبراهيم الثماني الذي تم تعذيبه مدة 24 ساعة متواصلة من قبل المليشيات الحوثية حتى فارق الحياه قبل أيام.
وأوضح القيادي القبلي -في تصريح لـ”العين الإخبارية”- أن المليشيات قتلت “الثماني” وهي تحاول انتزاع معلومات منه واعتراف بأنه يعمل لصالح الحكومة الشرعية، في حين هو بائع فاكهة وليست له أي علاقه بالعمل الأمني أو التخابر لصالح جهة معينة، كونه لا يملك مؤهلات العمل حتى كمصدر معلومات.
وأشار إلى أنه وبعد مقتل الشاب الثماني شعرت المليشيات الحوثية بأنها تورطت في مواجهة مع قبيلة الضحية، وهو ما ينذر بتمرد جيوب قبلية أخرى لديها ثأر مع المليشيات الحوثية في قضايا مماثلة.
ولجأت المليشيات الى الاعتراف مرغمة بارتكاب الجريمة وقتل الشاب الثماني، وهي المرة الأولى التي تقر فيها المليشيات بارتكاب جريمة ما، وذلك تحت ضغط قبلي ومطالب صريحة لقبائل مديرية سحار بتسليم القتلة بمن فيهم قائد المنطقة الأمنية وهو قيادي حوثي كبير، وفقا للقيادي القبلي.
دق إسفين القبائل
من جهته، قال رئيس مجلس مشايخ قبائل أرحب في اليمن الشيخ حمود بن محمد العَشَبي أن الحوثيين المدعومين من إيران قتلوا وتسببوا في قتل أكثر من نصف مليون يمني، فيما الجرحى ما يزال أنينهم يُسمع من كل بيت من بيوت الشعب اليمني، وغالبيتهم من أبناء القبائل.
ولم يستغرب الزعيم القبلي من تصاعد جرائم مليشيات الحوثي في صعدة والتي لم تكن جريمة “الثماني” هي الأولى والأخيرة، كون هذه العصابة الإجرامية ما زالت تسيطر على مؤسسات الدولة وقدراتها التسليحية المتوفرة والمخزنة على مدى عشرات الأعوام.
وأوضح العشبي -في تصريح خاص لـ”العين الإخبارية”- أن مليشيات الحوثي تستمد قوتها من شتات مكونات الشعب اليمني القبلية والسياسية؛ مستغلة إرثها في الأعمال الإرهابية في حق الشعب اليمني كـ”أسرة سلالية هاشمية ترغب في حكم البلاد بموجب الحق الإلهي”.
وعن تعبئة الحوثي للقبائل، أكد الزعيم القبلي أن مليشيات الحوثي تسعى من خلال الوقفات المسلحة إلى “إيهام الناس أن المجتمع المحلي والقبلي يؤيد تصرفاتهم الإجرامية، فيما حقيقة الوضع عكس ذلك وأن القبائل تتحين لها الفرص”.
وأشار إلى أن أساليب مليشيات الحوثي في تعبئة القبائل تتمثل بـ”دق القبائل ببعضها” بذريعة التمسك بـ”آل بيت” رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، إلى جانب إبقاء القبائل في حالة من الطوارئ عبر تعبئتها ليلا ونهاراً، تحت مظلومية نصرة “الحسن والحسين” وكذا الترويج لـ”مؤامرة” عالمية تستهدف الإسلام وأن الحكم في غيرها كفر.
وقود لمشروع طائفي
وعن كيف تحافظ القبيلة اليمنية على نفسها ككيان وسط مؤامرات ودسائس الحوثيين، أكد الزعيم القبلي أن القبائل في معقل المليشيات صعدة وقبائل اليمن عامة تنقسم إلى قسمين، الأول مكنتهم المليشيات من قيادة المجاميع خاصة في الجبهات وهي تستخدمهم كأتباع ووقود لحروب مشروعها الطائفي.
فيما الشق الآخر يتمثل بالقبائل غير الموالية للحوثيين وتدرك جيدا حجم أكاذيب وافتراءات مليشيات الحوثي على اليمن وعلى الإسلام والمسلمين، وهؤلاء يشن ضدهم الحرب عبر التصفيات والاغتيالات وتفجير وتخريب منازلهم واعتقال زعماء القبائل وتعذيبهم وبقسوة.
وفي ختام حديثه لـ”العين الإخبارية”، أكد الزعيم القبلي أنه لا حل في اليمن دون رص الصفوف قبليا وحزبيا حول القيادة السياسية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي حتى استعادة المحافظات الشمالية من قبضة المليشيات.
حقد حوثي دفين
في السياق، قال مستشار وزير الإعلام اليمني فهد طالب الشرفي إن “المليشيات الحوثية الإرهابية تحمل كل مشاعر الكراهية والحقد على القبيلة اليمنية وفي مطلعها قبائل صعدة الذين مانعوا توغل المشروع الإيراني وواجهوه وقاتلوه منذ الثمانينيات في المحافظة”.
وأضاف الشرفي -في حديث لـ”العين الإخبارية”- أن القبيلة هي ركن من أركان الدولة اليمنية إلى جانب الجيش والأحزاب؛ فقد كانت وما زالت هدفا لأعمال المليشيات الانتقامية وفق مخطط جهنمي متعدد الأوجه.
وأشار إلى أن “مليشيات الحوثي تقوم باستهداف القبائل ومحاربتها وتفكيكها واستغلال تخلي وخذلان الدولة والحكومة لدور القبائل، ثم محاولة التوغل داخل بنية المنظومة القبلية يسعى الحوثيون لاستغلال الورقة الاجتماعية بشكل بشع”.
وبشأن الوقفات القبلية الحوثية المسلحة، اعتبرها الشرفي مجرد “بروباغندا” إعلامية درامية وتجميع من عناصر المليشيات ولا تعبر عن إجماع قبلي حقيقي مناصر للمليشيات، ولكن في ظل عدم تركيز الحكومة اليمنية على ملف القبائل يحاول الحوثيون ملء هذا الفراغ واستثمار القبيلة لخدمة مشروعهم”.
وأكد أن المليشيات الحوثية تشعر بـ”عدم رضا القبائل ومن جانب سكان المدن والعواصم تجاه مشروع الحوثي فكرا ومنهجا وسياسة، وهذا يبعث مخاوف كثيرة، ومنذ الحرب الأولى في يونيو/ حزيران 2004 حتى اليوم، هناك مئات الانتفاضات والمقاومات القبلية الشعبية التي لم تهدأ وآخرها مقاومة قبيلة قيفة في قرية خبزة قبل أشهر”.
نوفمبر 11, 2024
نوفمبر 8, 2024
نوفمبر 8, 2024
نوفمبر 8, 2024