في ليلة الجمعة الماضية غفيت على أمل أن استيقظ وألقى أخي الأكبر محسن علي سريب وقد خرج من المشفى سليماً معافى كما ألقاه كل يوم وسط القرية، ولكني استيقظت على خبر يكسر الظهر ويدمي القلب ويؤلم الروح ويوهن البدن ويزرع الأوجاع والجروح، استيقظت على فاجعة رحيله المؤلمة والموجعة، استيقظت وقد نام أخي نومته الأبدية وقد فارقت روحة الطاهرة الحياة الدنيوية وصعدت إلى بارئها بدون سابق إنذار أو مواعيد أوليه.
رحل بلا وداع ولا عناق مخلفاً أوجاع لا تنتهي وأحزان سرمدية، رحل صاحب العقل الكبير والقلب الطيب والإبتسامة الدائمة والضحكة العريضة التى لا تغيب، رحل ورحلت معه الحياة والسلام والأمان والمحبة والحنية، وخيمت في حياتنا الهموم، واعتلت سمائنا الغيوم، وفرشت في ساحاتنا الأحزان والغموم، وأصبحت الحياة مظلمة وكئيبه ومليئة بالمآسي والسموم.
لقد تجلت في غيابك يا أخي العزيز كل معاني الحزن، وتدفقت لفراقك سيول الدموع لتغرقنا في بحر الأسى والوجع والألم المميت، وأوجعنا رحيلك وجعاً لا يمكن أن توصفه اللسان أو يعبر عنه قلمي حتى وإن كان مداده اضعاف اضعاف مياه البحار، ولن تكفيه مجلدات الدنيا ان تحدثنا عنه باختصار.
سنظل نذكرك يا أخي وندعوا لك الله بالرحمة كلما تشرق الشمس إلى تافل في الغروب، وكلما يبزغ القمر وتظهر النجوم إلى أن تغيب، وسنظل نروي روحك الراحلة يا أخي بالدعاء إلى أن نلقاك بإذن الله في جنات النعيم.
اللهم اغفر له وارحمه واكرم نزله ووسع مدخله وباعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب واغسله من خطاياه بالماء والثلج والبرد.