الجمعة , 22 نوفمبر 2024
تقرير / غازي العلـــــــــوي :
لم يكن القرار الذي أصدره رئيس مجلس القيادة الرئاسي د. رشاد العليمي، مساء الثلاثاء، والذي نص على تعيين أركان للمنطقة العسكرية الأولى خلفًا للمجرم يحيى أبو عوجاء، سوى محاولة – بحسب مراقبين – للتغطية على جرائم هذا الرجل الذي عُرِفَ بسجله الدموي وبطشه بأبناء الجنوب منذ العام 2009م، كما يراه آخرون بأنه محاولة لاحتواء الغضب المتصاعد في الشارع الحضرمي المطالب بإخراج قوات المنطقة الأولى من وادي حضرموت ومحاكمة المدعو أبو عوجاء عن الجرائم التي ارتكبتها قواته بحق المدنيين العزل، كما يراه فريق آخر – أي القرار – بأنه إعفاء للرجل من أي مسؤولية عن أي جرائم سوف ترتكبها مليشياته – التي ما تزال جاثمة بوادي حضرموت – في قادم الأيام.
وجاء قرار العليمي بعد أيام من تهديدات خطيرة أطلقها المدعو يحيى أبو عوجاء، أعلن خلالها عدم اعترافه بمضامين اتفاق الرياض، ناكرا وجود أي بند في الاتفاق ينص على إخراج أو نقل أي من قوات المنطقة.
واعتبر أبو عوجاء تحركات ومساعي الجنوبيين لتحرير أراضيهم تصعيدًا خطيرًا وأمرًا مؤسفًا، وأطلق رسائل تهديد ضمنية، بقوله: إن المنطقة العسكرية الأولى لن تسمح لأحد بالعبث بالممتلكات العامة والخاصة في وادي حضرموت” – كما زعم – في تهديد كان واضحا أنه يستهدف شن مزيد من الإرهاب على الجنوبيين.
المحاكمة قبل الإقالة
في ظل تصاعد الجرائم التي ترتكبها قوات المنطقة العسكرية الأولى بحق المدنيين بوادي حضرموت، بالإضافة إلى السجل الدموي لأركان المنطقة المليء بجرائم القتل التي تلطخت بها يداه، ابتداءً بملاح ردفان حين كان اللواء الذي يقوده يرابط هناك، حيث مارست قواته شتى جرائم القتل والتنكيل بحق أبناء مديريات ردفان، وما تزال دماء الشهيد رأفت العطفي والطفل صدقي وغيرها من الدماء شاهدة على تلك الجرائم، وستظل لعنات ودعوات أهالي وذوي الشهداء تلاحقه مدى الحياة، وهي جرائم يرى قانونيون بأنها لا تسقط بالتقادم، وأنه كان الأجدر صدور قرار بإحالة المجرم أبو عوجاء للمحاكمة ثم الإقالة.
حقن للتخدير
واستنادا لما تعلمه الجنوب وشعبه على مدار الفترات الماضية من وقائع مشابهة، فإن “حقن التخدير” التي تحاول قوى صنعاء إعطاءها للجنوب لتهدئة حالة الغضب التي تهيمن على شعبه لن يكون لها أي أثر، وبالتالي سيواصل الجنوبيون الضغط لتحقيق مطالبهم كاملة.
وفيما أظهر أبو عوجاء قدرًا كبيرًا من الإرهاب ضد الجنوبيين فإن التعقيد الرئيسي ليس في شخص هذا العنصر وحسب، لكن الجنوبيين يُصرون على مجابهة الإرهاب الإخواني بمختلف صوره.
وفي مقدمة هذه الخطوات، يتوجب العمل على إخراج المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت لضمان الانخراط في مسار التهدئة، أما غير ذلك فسيعني أن المرحلة المقبلة ستكون حبلى بالتصعيد على كل المستويات.
صورة الطفل صدقي
يكفي النظر لصورة الطفل صدقي صالح قاسم (ذو الـ”15″ عامًا) الذي لم يكن يعلم – وهو يهمس في أذن أخيه الأصغر صالح (ذو الـ”12″ عامًا) الذي كان يجلس إلى جانبه مسنداً رأسه على صدره من مشاق وعناء رحلة سيرهم وهم في طريق عودتهم من محافظة لحج إلى ردفان على متن حافلة لنقل الركاب (باص) وهو يشير له إلى ثلاثة من الجنود كانوا على بعد حوالي (30) متراً يقومون بتفتيش السيارات المارة على الخط العام بصورة استفزازية، بأن جنود هذه النقطة يتبعون لواء “أبو العوجاء” الذي يقوم جنوده بإطلاق الرصاص على المواطنين ويقومون بنهب المسافرين وأنهم هم الذين قتلوا الشهيد رأفت العطفي وسط الشارع العام في الملاح – بأن روحه البريئة سوف تُزهق برصاص هؤلاء العسكر الذين تجردوا عن كل القيم والمعاني الإنسانية حتى أضحت فوهات أسلحتهم لا تفرق بين رجل وامرأة، أو بين طفل وكهل، أو بين عدوٍ وصديق, وما هي إلا لحظات حتى أطلق أحد أولئك الجنود رصاصات الموت صوب الحافلة التي كانت مليئة بالركاب لتستقر إحداها برأس “صدقي” الذي كان يحاول في تلك الأثناء أن يضم رأس أخيه الأصغر إلى صدره للتهدئة من روعه ولحمايته من تلك الرصاصات، ليسقط مضرجاً بدمائه، وما هي إلا دقائق معدودات لتصعد روحه الزكية إلى بارئها، ولم تفلح صرخات صالح التي أدمت قلوب وأفئدة من كانوا على متن الحافلة وهو يحاول ضم أخيه إلى صدره من إيقاف نزيف الدم المنهمر من رأس صدقي، في مشهد حزين ومؤلم يعيد إلى الأذهان بعضاً من مشاهد القتل التي تعرض لها أطفال فلسطين، يكفي النظر لتلك الصورة لتكتشف مدى بشاعة وإجرام هذا الرجل، وهي كفيلة بأن تذهب به إلى مزبلة التاريخ وأن تضعه خلف قضبان السجن مدى الحياة إن لم يكن الإعدام مصيره.
اعلامي جنوبي
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024