عُرفت العاصمة عدن على مر العقود بأنها مركز تنويري وفكري، ومهد الإبداع الفني والثقافي، ليس داخل اليمن فحسب.
وساهمت عدن بالفعل في إثراء الساحة الفنية والثقافية في المنطقة برمتها، وكانت ملاذا لكل من سعى للانطلاق والشهرة وإيصال فنه إلى نطاقات واسعة على مستوى البلاد العربية.
هذا الدور التنويري لمدينة عدن تراجع في العقود الأخيرة، لأسباب كثيرة، لكنه بدأ بالعودة من جديد مؤخرا، من خلال جهود مكتب وزارة الثقافة اليمنية في عدن، وبفضل قيادته الشابة، التي أحيت الحراك الثقافي والفني في عدن.
أمسيات تعيد التنوير ما قام به مكتب الثقافة بعدن هو أنه أعاد للمدينة مكانتها الثقافية من خلال إقامة أمسيات ثقافية وفنية وغنائية، وعلى مدار الأسبوع، تستضيفها باحة مكتب الثقافة ومسرح حافون في مديرية المعلا.
الأمسيات الأسبوعية تحتضن فعاليات ثقافية متنوعة، من مسرحيات تناقش الواقع المحلي وما يتضمنه من مشكلات وقضايا تواجه أفراد المجتمع، ومعالجة تلك القضايا بقالب فني هادف وواعي، يقدمها ممثلون ومبدعون شباب بمعية فنانين مسرحيين من الزمن العدني الجميل.
كما تتضمن الأمسيات حفلات غنائية لفناني عدن القدامى والشباب معا، وهو ما يساعد على تلاقح الأجيال الفنية المختلفة، والاستفادة من خبرات الفنانين القديرين ونقلها للجيل الجديد.
بالإضافة إلى إقامة ندوات فكرية عبر تقديم أوراق عمل أدبية وفقرات شعرية للأدباء ومثقفي مدينة عدن، تعالج قضايا الناس وهمومهم وتقدم مقترحات وتوصيات لتحسين الوضع العام في المدينة.
وكل ذلك يمثل استعادة حقيقية للدور التنويري الذي ما زالت عدن تلتزم بالقيام به، رغم انقطاع طويل، بحسب مسؤولي الثقافة في العاصمة اليمنية المؤقتة.
الرقي بالذوق العام يقول مدير إدارة المسارح بمكتب الثقافة في عدن، الفنان والمخرج المسرحي الشاب محمد علي اليافعي، إن الأمسيات التي يقيمها المكتب جاءت لتحقيق العديد من الغايات الثقافية والفنية والإبداعية.
وأضاف المسؤول، أن أبرز أهداف الأمسيات تكمن في تشجيع المبدعين من الشباب في مدينة عدن، وتقديمهم للجمهور من خلال أعمالهم الفنية والثقافية.
وأشار إلى أن من أهداف الأمسيات الأسبوعية أيضا إحياء الدور التنويري والثقافي والفني لمدينة عدن، واستعادة مكانتها كما كانت قديما، إضافة إلى الرقي بالذوق الفني العام لدى المتلقي، بحسب اليافعي.
محبة وتعايش مدير إدارة المسارح بمكتب الثقافة كشف عن حزمة أخرى من الأهداف التي وضعها المكتب نصب عينيه من خلال إقامة الأمسيات الثقافية، وعلى رأسها السعي لترسيخ روح المحبة والتسامح والسلام، خاصةً في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها عدن، وحالة الحرب التي تعاني منها البلاد.
كما لفت اليافعي إلى أن الأمسيات تعمل كذلك على نبذ مظاهر العنف والفرقة بين أبناء المدينة والبلد الواحد، والتأكيد على مبدأ التعايش، واستعادة مظاهر الحياة الطبيعية إلى المدينة.
وهو بالفعل ما تقوم به المسرحيات المعروضة خلال الأمسيات، بالإضافة إلى الندوات والنقاشات الفكرية التي تقدمها الأمسيات الثقافية الأسبوعية في عدن، وهي فعاليات لاقت قبولا جماهيريا وحضورا لافتا، منحت أهالي عدن متنفسا إبداعيا وثقافيا كانوا بأمس الحاجة إليه