يوجد من يرغبون حتى بعودة السلطنات والإمارات، لكنها رغبات لم تعد لها أجندات ولا قاعدة شعبية، ودعاة استقلال حضرموت ليسوا من اليوم لكنها رغبة نخبوية بلا اتساع شعبي منذ انطلاقها، وأثبتت حضرموت اليوم في مليونية الخلاص أن واديها لن يغرد خارج السرب، بل هو جزء من الجنوب العربي هوى وهوية.
ظن الإخوان أنهم فاجؤوا العالم بإلباس مشروعهم “زيًا قبليًا حضرميًا” فإما أن يتراجع الجنوبيون عن مطالبهم باستعادة دولتهم والبقاء ضمن أقاليم اليمننة وإلا فإن حضرموت دولة! لكن مليونية الخلاص أظهرت ضآلتهم.
قد تكون “شخصيات حضرمية” لها نفس الرغبة لكنها لا تملك دهاء الإخوان في تغيير “الأزياء” فاستوعبهم الدهاء الإخواني ضمن عنوانه والزي الذي اختاره لهم.. لكنها حضرموت فاجأت العالم بطوفانها البشري القائل: لا لتواجد القوات العسكرية في قيادة المنطقة الأولى في حضرموت، فمكانها الجبهة مع العدو الحوثي وليس التفريخ في واديها، نعم لجنوبية حضرموت.
هذا خيار جماهير حضرموت الأوسع جماهيريًا ونخبوياً، وهي مع التأييد المطلق لما أجمع عليه الحضارم من مخرجات في مؤتمر حضرموت الجامع وهبتهم وما أجمعت عليه المراجع القبلية والمكونات الحضرمية كافة حول حقوق حضرموت الذي توافق عليها جميع أبنائها والذي يستغله البعض لأجندات حركية أو رغبات نخبوية لها ظروفها، فخروج حضرموت اليوم في سيئون يعيد تصحيح المعادلة التي حاولوا تزويرها بزي قبلي وأنها صوت وخيار وادي حضرموت.
أثبتت حضرموت أنها ليست منعزلة عن هوية الجنوب العربي أو معادية لها، وهي هوية لم تفرضها عليها أي قوة، بل خرجت من حضرموت، فأكبر رموز الحركة الوطنية لجنوب عربي موحد من 1948 كان في مقدمتهم الأستاذ شيخان الحبشي وسالم الصافي باوزير ومحمد علي باشراحيل ومحمد عبدالقادر بافقيه وآخرون… وصارت هوية الجنوب العربي سائدة داخليا وفي المنظمات الدولية مما اضطرت بريطانيا لقبولها عام 1959، وجاءت قرارات الأمم المتحدة منتصف عام 1963 بحق الجنوب العربي في الاستقلال وتقرير مصيره، وكانت حضرموت ضمن وثيقة استقلال الجنوب العربي عن بريطانيا، ولولا الإصرار الحضرمي على هويته الجنوبية العربية لما كانت ضمن تلك الوثيقة وبتلك الهوية.
سلام لحضرموت بصحرائها وواديها وساحلها فقد أسكتت أبواقهم