القمندان نيوز – كتب / خالد سلمان :
المواجهة مع قوات “إرهاب الإصلاح” دخلت المرحلة الثانية في شبوة بعد إطلاق عملية “سهم الجنوب” وذلك بتنظيف مديرية الصعيد مما تبقى من تشكيلات التطرف، والاستيلاء على مخابئ أسلحة في مذبة وتحرير المصينعة.
الإجماع من رأس الرئاسي والتحالف، على وصف من كان يسيطر على الشأن العسكري وهو الإصلاح، إرهابياً ومباركة تطهير المحافظة من مراكز قواه، يقطع بأن القضية الجنوبية تذهب نحو مسار جديد، وأن المتداخلين في ملف الحرب اليمنية، باتوا يتعاطون مع هذه القوات الجنوبية بروحية مختلفة، ولغة تقربها من منحها صفة الشراكة الدولية في مكافحة الإرهاب، كقوة منظمة ومدربة جيداً وقادرة وذات صفة احترافية، برسم ما حققته من انتصارات عميقة في زمن قياسي.
“الإصلاح” لن يرمي كل أوراقه على طاولة الاستسلام، ففي الوقت الذي يتم تحرير الصعيد من قبضته، يمارس عملية التفجيرات والاغتيالات وصنع الشراك والكمائن، كما حدث اليوم في عتق من استهداف سيارة لقوات دفاع شبوة، بلغم ذهب ضحيته عديد من الجنود.
كل هذا ليؤجل مراسيم تشييعه، ويعلن أنني ما زلت لاعباً في قلب المعادلة، وأملك الكثير من الأوراق البديلة التي تربك المشهد بكامله.
الواقع أن إطلاق عملية “سهم الجنوب” المغطاة سياسياً من التحالف، وتأكيد الاجتماع الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، على ضرورة “استكمال ما تبقى” من اتفاق الرياض، يوجه إشارة بالغة أن ما يحدث جنوباً يتم بمباركة التحالف وقبول عواصم القرار، والإشارة إلى مفردة ما تبقى تعني الإقرار ببسط نفوذ الانتقالي على أبين وشبوة، ومباركة الاتجاه لتحرير ما تبقى في حضرموت والمهرة.
يدرك اللاعبون الكبار وكذا رأس المجلس القيادي، أن لا قوة على الأرض المحررة جادة ومدربة ومنظمة سوى القوات الجنوبية، وتوسيع رقعة سيطرتها على كل الجنوب، وحماية المصالح الدولية في مثلث الثروات، وربما الذهاب بها قليلاً نحو الشمال في مأرب، سيمنح الحكومة الشرعية المترنحة تحت ضغط اختلال ميزان القوى لصالح الحوثي، مساحة أفضل للمناورة في أي مفاوضات سياسية قادمة حول موضوع الحل النهائي، كما سيسهل للعواصم الدولية تمرير تسوية متوازنة، تستلهم ممكنات تحققها مما يحدث إيجاباً من تغيرات في ميزان القوة على الأرض.
إجمالاً بات الإصلاح يستشعر بمخاطر العزلة أكثر فأكثر، وأنه واقع تحت ضغوط الخسائر العسكرية من جهة، والعزل السياسي الوطني الإقليمي الدولي من جهة ثانية.
لذا لا غرابة أن تحرك بالخطة “ب” أي العمل مع الإرهاب وحتى مع الحوثي تحت الأرض، وبعث رسالة مربكة مضللة بأن الانتقالي لا يمسك بزمام المبادرة، وأنه شريك لا يعتد به في الجهد لعالمي لمكافحة الإرهاب.
وربما يصل الأمر بالإصلاح حد رسم خطط إعلان إمارات إسلامية هنا وهناك، والقيام بتفجيرات في قلب الحواضر وتحديداً عدن حيث مركز ثقل الانتقالي وعاصمته، ومقر الحكومة ومركز النشاط السياسي الدبلوماسي الدولي.
بين مطرقة وسندان يجد الإصلاح نفسه مضغوطاً حد دفعه إلى مزيد من الانكشاف، كما فعل خلال الأيام الماضية من تشكيل “لواء النصر” الإخواني في تعز، مدركاً أنها المدينة التالية بعد محافظتي حضرموت والمهرة، وإن بأدوات مختلفة ومقاربات أُخرى، وأن مركز نفوذه في هذه المحافظة المختطفة، آخذ بالتآكل شعبياً وأنها لن تكون معقله الأخير الذي يضغط من خلالها لاستعادة حظوة حضوره في المشهد السياسي الرسمي، بل تعز ستكون الورقة الأخيرة التي سيتم طيها، وإغلاق ملف إخوان اليمن إلى غير رجعة، كتناغم وأسوة بما حدث في القاهرة ويحدث في عواصم المنطقة.
في هذه المعطيات الإيجابية لصالح مشروعه، على الانتقالي أن يذهب بعيداً في تقديم نفسه بتوسيع خارطة التحالفات شمالاً وتقديم خطاب منفتح على الصعيد الداخلي، وأن يرفق هذه الانتصارات العسكرية بتدابير سياسية، يقدم نفسه للمجتمع الدولي كقوة تؤمن بثقافة مدنية تحترم الحقوق والحريات والمواطنة، وتعلي من سلطة القانون، ترفض التطرف وتعمل على تجفيف منابعه ومدارسه، وكل ما من شأنه أن يشكل بيئة عنف قادمة.
بهكذا يتحول الانتقالي من قوة عسكرية منظمة معول عليها، إلى شريك مدني كامل الأهلية في تقرير مستقبل الصراع في اليمن