أبرز أعمدتها، وركنها الوثيق الذين بهم تنهض الدول ، وبرحيلهم تطيح وتنهار دول وتنقرض .. هم ورثة الأنبياء أوصت الشريعة الإسلامية بهم وقدست فكرهم ، وجعلتهم الأقرب تبؤ مكانة في الصالحين ، لما يجسدوه من معارف وفكر وعلوم واخلاق في الأجيال المتعاقبة منذ زمن الأولين حتى عصرنا التقني الحديث …
المعلم في وطني ، الذي خذل من الجميع، خاصة من يجب عليها رفع مكانته ومعيشته والدفاع عن حقوقه ” حكومة بلاده” التي اذلته واوجعته وجعلت منه متسولٱ للحقوق، وهو عزيز النفس ذو شكيمة وكبرياء، لكنها تلك الأوطان عندما يحكمها الجهلة والمتسلقون ، أوطان تذهب الى هاوية الدمار دون أن تعلم وهذه الكارثة، حيث جعلت صانعي مستقبلها وعمادة فكرها ومربي اجيالها في نهاية سلم اهتماماتها أن كان هناك إهتمام بل تناست نخبة مهمة في المجتمع لتجعل منهم فئة “للجوع والحرمان ” ..
المعلم هو الأكثر فئات المجتمع “صبوراً” عزيز النفس متعفف، مخلص، صامد ووطني، لا أحد يسمع أنينه ووجعه المستمر في جوانحه يتحمله من عام إلى آخر لعل ينبلج فجراً جديد يشع بالسعادة والأمل ، لكنها الأزمات تستمر والصراع يتصاعد والمعيشة تتدهور وضعت المعلم في فوهة تلك الأحداث ليسقط هذه المرة ولم يستطيع النهوض فقد عجز الصبر ذاته عن الصبر والتحمل نظراً للأحداث التي جعلت الكثير يرفضها ويحتج عليها ، فما بالك بالمعلم الذي يعتبر أفقر الموظفين بالوطن وأقلهم دخلٱ براتب يتهاوى من عام إلى آخر وتتصاعد بجنباته الأزمات …
أين نحن من أولئك المعلمين الذي يتكبدون الألم والاوجاع؟! والكل في غفلة عنهم لا يتذكرهم إلا مع بداية عام دراسي جديد ، ليسلطوا أقلامهم “للمزايدة” على تقاعسهم وعدم قيامهم بواجبهم خاصة أحتجاجهم بعدم إستئناف الدراسة ليقوموا بتعليم أبناءنا ، ولم نكترث لأبنائهم عندما لا يستطيع أباه المعلم توفير مستلزمات المدرسة لأولاده ليتعلموا مع أقرانهم ” أولادنا” نظراً للغلاء الفاحش الذي لم يقدر المعلم جلبها ولم يكفي راتبه الزهيد واجباته المنزلية والمدرسية ، أننا أمام معضلة كبرى يجب أن نفكر بها جميعاً ونوقف صف واحداً لبحث المعالجات … لا أن ترمى الكرة في ملعب المعلم المطحون الذين يناشد بتسويته بطلابه الذين ساعدتهم الظروف والاضطرابات ليتحسن وضعهم وينهار وضع معلميهم ..
أننا نقف اليوم أمام تلك الوعود العرقوبية الحكومية من قبل الدولة لتلك الفئة وترحل الأزمات من عام إلى آخر وتتراكم المعضلات وتكبر وترسم خطوط مأساوية للسقوط المتوقع لنا جميعاً مجتمع ودولة لو تركت تلك النخبة تلاقي مصيرها لوحدها دون تدخل الجميع لوقفه ومعالجته فعندما تصحح أوضاع المعلم نبداء أول الخطوات لتصحيح الوضع التربوي والتعليمي ورفع من مكانة المعلم والأهتمام به ليكون على هرم فئات المجتمع لأعظم حقل تربوي وركن محوري وأساسي في العملية التعليمية التي تنعكس برمته على تصحيح كل الزوايا التعليمية وبدورها تنهض من واقعنا ونصحح ما نحن فيه كي يستقيم الوطن ونذهب نحو مصاف المجد …
تحية لكل معلم ومعلمة مربي الأجيال وصانعي نهضة التنوير وأبرز أعمدة بناء الوطن ….