ساعاتٌ فقط تفصل عدن عن مشهدٍ استثنائي احتفاءً بالثلاثين من نوفمبر… التاريخ الذي لا يمرّ مرور العابرين، بل يقف شامخًا كجبلٍ يحرس ذاكرة وطنٍ بكاملها… ثلاثون نوفمبر ليس يومًا في الروزنامة، بل لحظة انعتاق، وصوت شعب، وعرس نوفمبري تجلّى فيه النصر الأول.
في هذه الساعات الأخيرة، تتزيّن عدن بملامح المجد القديم وتتوشّح بآمال المستقبل… الأعلام ترفرف كأنها تخاطب السماء، والأغاني الوطنية تعيد فتح دفاتر التاريخ، لتمتزج فيها دماء الأحرار بتراب الوطن الذي احتضن حلم التحرر.. ساحة العروض ليست مجرد منصة؛ إنها مسرح لذاكرة حيّة، ومساحة تتقاطع فيها المشاعر بين الفخر والحنين والتطلع.
واليوم، يقف الشعب الجنوبي بصفٍ واحدٍ، واثق الخطى، متجدد العزم، مستندًا إلى قيادة صلبة يُجسّدها الرئيس عيدروس الزبيدي، الذي باتت آمال الجنوبيين تتعلق بحكمته وصلابته، بوصفه القائد الذي يمضي بثبات نحو تحقيق التحرير الثاني واستكمال مسار النصر الذي بدأه الأجداد. لقد أصبح الجنوب أكثر اتحادًا وإيمانًا بقضيته، وأكثر استعدادًا لخوض مرحلة جديدة من التحرر والبناء واستعادة كامل الحقوق.
هذا العرس النوفمبري هو رسالة… رسالة لكل جيل لم يشهد تلك اللحظة الأولى من النصر، بأن الحرية لم تكن هدية، بل ثمرة نضال طويل، وبأن الجنوب كتب فجره بيديه، وصاغ هويته رغم كل العواصف… وهو أيضًا رسالة للمتربصين أن ذاكرة الشعوب لا تموت، وأن إرادة الحياة أقوى من أي ظلام يحاول أن يبتلع الضوء.
ستقف عدن شامخة، تبعث من خلال الاحتفال رسالة قوة وانتماء، وتؤكّد أن هذا الشعب قادر على حماية تاريخه وصناعة مستقبله… فالثلاثون من نوفمبر لم يكن نهاية استعمار فقط، بل كان بداية وعيٍ جديد، ومسار إرادة لا تلين.
وعندما تندلع أصوات المشاركين وترتفع الأعلام فوق رؤوس الجميع، سيتردد في الأرجاء صدى الحقيقة ذاتها: إن النصر الأول لم يكن مجرد حدث… بل كان ميلاد أمة.
هكذا، في هذا العرس النوفمبري، تعود عدن لتقول للعالم: نوفمبر ليس ذكرى… بل نبض مستمر في قلب الجنوب، لا يغيب ولا يخبو.