الجمعة , 21 فبراير 2025
بقلم: د. لبيب فضل حيدرة.
النقيضان: الصدق المحمود دليل الوجود الإنساني، والكذب المذموم دليل الفناء الإنساني، فلا يزال المرء يصدق، ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صادقًا، ولا يزال المرء يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا.
كم تحريت الصدق في حديثي، وفي نيتي قبل ذلك، وفي عملي قبل أعمال الناس، وفي نفسي أولًا، كنت آمل أن أكون من الصادقين، الذين أمر الله أن نكون معهم بعد التقوى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)، فإن خالف ما قلته الواقع بغير قصد صححت النية على العودة عن تلك المخالفة لطريق الصادقين ودرجات الثابتين، وأخلصت أن أبتعد عن طريق تضع أقدامنا في دركات الكاذبين.
حتى إذا تقدمت في العمر اصطدمت بواقع حتّم عليّ البحث عن مخرج صحيح يحفظ ماء وجهي ولا يجعلني كاذبًا أمام مجتمعي: أهلي، وطلابي، وجيراني، فقد يرونني ماشيًا على قدمي ولا أركب، أو جائعًا ولا آكل، أو لي حاجة تقضى فلا أسأل قضاءها، قد أُسأل عن قدر راتبي فيشلُّ لساني أن أنطق بذلك المبلغ الحقير، قد يقال لم تفضل هذا اللبس فلا أملك أن أقول أني لا أملك غيره، قد يُطلب مني شيء فأسوف في أدائه، كم بحثت عن تلك الجمل الملتوية الملونة التي تغادر بي إلى مساحة آمنة من الحديث، مساحة تحفظ لي كرامتي، وصورتي، ووجودي.
الحياة في مجتمعي صراع بقاء إنساني، قد تفقد فيه صدقك فتفقد إنسانيتك، إنك على المحكّ فعليك أن تستميت وتبقى في المساحة الآمنة.
فبراير 19, 2025
فبراير 18, 2025
فبراير 16, 2025
فبراير 16, 2025