الإثنين , 27 يناير 2025
كتبه: الصحفي / عبدالله محمد باصهي
في قلب ميدان فلسطين، حيث احتدمت المواجهة بين الاحتلال والمقاومة خلال عمليات طوفان الاقصى، برزت صباح اليوم عملية تسليم المجندات الإسرائيليات التي نفذتها كتائب القسام كحدث تاريخي يحمل دلالات استراتيجية عميقة وتأثيرات بعيدة المدى على المستوى العسكري والنفسي، سواء للمقاومة أو شعبها الفلسطيني، هذا الإنجاز لم يكن مجرد خطوة تكتيكية، بل لوحة مكتملة الأركان من العمل المؤسسي العسكري الذي أظهر عبقرية المقاومة في إدارة الصراع.
فاضحت الأبعاد العسكرية والتنظيمية للعملية من خلال التخطيط الاستراتيجي حيث أن عملية التسليم لم تكن وليدة اللحظة، بل نتاج عمل مؤسسي دقيق يبدأ من جمع المعلومات الاستخباراتية مروراً بالتنسيق الميداني ووصولاً إلى التنفيذ الاحترافي، فاختيار ميدان فلسطين، الذي يجاور مستشفى المعمداني الذي شهد واحدة من أبشع المجازر الإسرائيلية، يرسل رسالة واضحة بأن المقاومة قادرة على تحويل مناطق الألم والمعاناة إلى ساحات للإنجاز والانتصار.
فالتحكم في الزمان والمكان من خلال تنفيذ العملية في منطقة محاطة بخطر دائم ويخضع لمراقبة مكثفة من الاحتلال يعكس جرأة المقاومة وقدرتها على العمل في ظروف مستحيلة، هذا الإنجاز يعيد تشكيل معادلة القوة على الأرض، ويثبت أن المقاومة هي من تختار توقيت المعركة ومسرحها، وليس الاحتلال.
كما ان دلالة الاحترافية العسكرية برزت في مشهد المجندات الإسرائيليات بالزي العسكري الفلسطيني وحملهن شهادات الإفراج لم يكن مجرد بروتوكول شكلي، بل كان جزءاً من عرض دعائي مدروس بعناية يعكس مدى تنظيم المقاومة ووعيها بأهمية الرسائل البصرية في تحقيق نصر معنوي ونفسي على العدو.
بل استنتج دلالات ذو أبعاد أخلاقية كرسالة إنسانية من قلب الصراع في الوقت الذي يستخدم فيه الاحتلال العنف المفرط ضد المدنيين، أثبتت هنا المقاومة قدرتها على التمسك بالقيم الأخلاقية، في الحفاظ على حياة الأسرى الإسرائيليين رغم التحديات الأمنية والعسكرية التي تعكس مدى التزام المقاومة بالمعايير الإنسانية حتى في خضم الحرب، هذه القيم الأخلاقية التي تضيف إلى شرعية المقاومة وتعزز مواقفها وثباتها على المبادئ، ليس فقط في نظر شعبها، بل أمام العالم بأسره.
من ناحية اخرى كم من الرسائل التي ارادت المقاومة توجيهها للإحتلال عبر عملية التسليم الثانية اليوم انه فشل أستخباراتياً عبر تمكن المقاومة من تنفيذ العملية بنجاح تحت أعين الاحتلال الذي يتفاخر بمنظومته الاستخباراتية هذا الفشل يمثل ضربة قاسية لجهاز الأمن الإسرائيلي ويؤكد هشاشة قدراته أمام التخطيط الدقيق للمقاومة حيث انها تعبتر ضمن الاهداف العامة لطوفان الاقصى وانها الأسر من اجل التبادل وتبييض السجون.
والأهم هي دلالة ورسالة الإهانة النفسية والسياسية للكيان وشعبة وكل من تخاذل خلال الحرب في مشهد تسليم المجندات، وهن يؤدين التحية لمجاهدي القسام، يشكل رمزاً لهزيمة الاحتلال، هذا العرض أحرج الجيش الإسرائيلي أمام جمهوره وأظهر المقاومة في موقف القوة والهيمنة.
كما ارادت المقاومة إثبات السيادة الفلسطينية من خلال هذه العملية، فقد أظهرت أنها ليست فقط تدافع عن أرضها، بل هي أيضاً قادرة على صياغة مستقبل الصراع وفقاً لرؤيتها، متجاوزة كافة العقبات التي يفرضها الاحتلال.
ولأن المقاومة حريصة على علاقاتها مع حاضنتها فقد وجهت عدة رسائل للشعب الفلسطيني بأن طوفان الاقصى معركة الإرادة والصمود، فقد حملت العملية دلالات عميقة تلهمه بالصمود والإيمان بقدرة المقاومة على تحقيق النصر رغم كل التحديات، ورؤية الاحتلال في موقف العجز والضعف يعزز من روح التضامن ويقوي الإيمان بأن النصر ليس بعيد المنال.
ومن خلال ظهور مجاهدي القسام حاملين أسلحة “التافور الإسرائيلية”، التي غنموها من جنود الاحتلال، يعكس قلباً لمعادلة القوة، فهذا المشهد لا يعبر فقط عن التفوق العسكري، بل يحمل رسالة رمزية بأن أدوات الاحتلال نفسها يمكن أن تصبح وسيلة لمقاومته.
إن عملية التسليم في ميدان فلسطين لم تكن مجرد حدث عابر، بل محطة فارقة تؤسس لمرحلة جديدة في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، هذه العملية أثبتت أن المقاومة ليست فقط قادرة على الصمود، بل على المبادرة وإدارة الصراع بذكاء واحترافية.
ما شهدناه اليوم جميعاً في ميدان فلسطين يعكس عبقرية عسكرية وأخلاقية وسياسية منقطعة النظير، إنها لوحة مشرفة لإرادة الشعب الفلسطيني التي تزداد صلابة يوماً بعد يوم، ورسالة واضحة للاحتلال بأن المعركة لم تعد مجرد مواجهة عسكرية، بل هي حرب إرادة، وشعب يمتلك الإرادة لا يمكن كسره أبداً.
اعلامي جنوبي
يناير 26, 2025
يناير 26, 2025
يناير 26, 2025
يناير 26, 2025