إذاعة لحج العريقة، التي كانت يومًا منارة إشعاع ثقافي وإعلامي في الجنوب، أصبحت اليوم في وضعٍ يُؤسف له. فبعد رحيل الفقيد محمد العمودي، الذي كان قائدًا حقيقيًا لهذه المؤسسة العريقة، ظهر في الأفق ما يعكس تراجعًا دراماتيكيًا في مستوى الإذاعة وإدارتها. يقال إن الإذاعة قد نُقلت من مقرها التاريخي في قصر السلطان العبدلي في الحوطة إلى مبنى في المحافظة بحجة توفير الديزل لتشغيل البث. ومن يدري، ربما كانت هذه الحيلة ما هي إلا مبرر للمضي في خطوات غير مدروسة، فبناءً على هذه المزاعم، أصبحنا نرى هذا الصرح الإعلامي العريق وهو يُسحق تحت وطأة الإهمال والتجاهل.لكن، المأساة ليست في انتقال المبنى، بل فيمن أصبحوا يتحكمون بمقاليد هذه الإذاعة. من الواضح أن لا أحد منهم يمتلك الكفاءة أو المؤهلات التي تجعله قادرًا على تولي المسؤولية، فإدارة الإذاعة أصبحت أسيرة للمحسوبيات والتعيينات على أساس الولاء الشخصي لا الخبرة المهنية. ومن المؤلم أن نجد أن القائمين عليها ليس لديهم أي فكرة عن القيمة التاريخية لهذا المرفق الإعلامي، ولا عن الدور الذي كان يلعبه في تشكيل الوعي والثقافة المجتمعية.أما ما يزيد من الطين بلة، هو هذا الفشل الذريع في التقدير، حيث يُدار هذا المرفق الحيوي من قبل أشخاص لا يهتمون بمصلحة الإذاعة أو مستقبلها، بل بمنفعتهم الشخصية، في حين أن ما كان يُفترض به أن يكون منبرًا للحرية والتنوير، أصبح الآن مجرد وسيلة لتوزيع الفتات بين الأوفياء للمسؤولين.وإذا كان واقع الإذاعة اليوم مؤلمًا، فإن المستقبل يبدو أكثر قتامة. فكيف يمكن لإذاعة كانت ذات يوم رمزًا للثقافة والإعلام في لحج أن تنهض من جديد وسط هذه الكوارث الإدارية؟ إنه لمن الصعب تصور أن هناك أملًا في إصلاح الوضع في ظل إدارة عاجزة عن تقديم حلول حقيقية، وأصحاب مصالح ضيقة يسيطرون على مفاصل العمل فيها.إن ما حدث لإذاعة لحج هو في الواقع صورة مصغرة لما يحدث في الكثير من مؤسساتنا الإعلامية، حيث يتم تدمير كل شيء من أجل الحفاظ على المصالح الخاصة، بينما يتم تجاهل المصلحة العامة والمستقبل الحقيقي للإعلام. والكارثة الأكبر أن هذه الإذاعة العريقة تُركت لتنهار في يد من لا يعرفون قيمتها ولا يهتمون بمصيرها، بينما كان من المفترض أن تكون منارة للثقافة والإبداع.