الأحد , 24 نوفمبر 2024
استعانت الولايات المتحدة الأمريكية، في ضرباتها الجوية التي سدّدتها، فجر اليوم الخميس، في مرمى المواقع العسكرية التابعة لميليشيا الحوثيين في اليمن، بآلية عسكرية جوية تمتلكها واشنطن وحدَها في العالم.
وتتمتع الآلية بقدرات وخصائص فريدة وجودة تقنية عالية للغاية، وذلك للمرة الأولى منذ بدء إعلانها تنفيذ ضربات استباقية لأهداف حوثية تستخدمها في تهديد الملاحة الدولية، وذلك في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وشنّت المقاتلات الأمريكية، سلسلة غارات جوية، قامت بتنفيذها عبر طائرات (B-2)، أو بما تعرف كذلك بـ(قاذفات الشبح)، واستهدفت من خلالها بنك أهداف عسكرية تابعة للحوثيين، في كلٍّ من محافظتي صنعاء وصعدة، والتي بيّنت القيادة المركزية الأمريكية، أنها كانت “متعددة ودقيقة”.
واستخدام هذا النوع المُتطور من المقاتلات الجوية، مكّن الأمريكان في هجومهم، من تحقيق ضربات قد تكون نتائجها وخيمة على الحوثيين، لا سيما وأن السلطات العسكرية الأمريكية أكدت أنها: “استهدفت منشآت حوثية محصنة تحت الأرض، تضم صواريخ ومكونات أسلحة وذخائر أخرى، تستخدم لاستهداف السفن العسكرية والمدنية في جميع أنحاء المنطقة”.
“النفس الطويل”
الطائرة “الشبح” أو “B-2″، تمتلك العديد من الخصائص الإستراتيجية والمميزات التي تجعلها تتفوق على نظيراتها من الطائرات المسيرة الأخرى، بمراحل وبعيدًا عن مظهرها وشكلها الخارجي الرشيق والخلاب، والذي منحها رونقًا وهيبة خاصة بها، فهي تحظى بتقنية تخفي متطورة ومتقدمة بمستويات عالية، إذ يستحيل معها نجاح أي منظومة دفاعية، في اكتشافها، ما يُمكنها من دخول أجواء أي دولة، وتنفيذ أي هجوم عسكري، والخروج منها دون أي اعتراض.
كما تتمتع بخاصية “النفس الطويل”، من خلال تنفيذ ضربات عسكرية لأهداف تبعد عنها آلاف الأميال، دون حاجتها للتوقف من أجل التزود بالوقود، ولها سعة حمولة داخلية كبيرة للغاية، تُتيح لها حمل نحو 40 ألف رطل (18 ألف كيلو غرام) من الذخائر المتنوعة سواء التقليدية أو النووية.
وعن مدى فاعلية الضربات التي تنفذها، فقد تم تجهيزها وتزويدها بإلكترونيات طيران وأنظمة استهداف متقدمة؛ ما يجعلها قادرة على تنفيذ ضربات عالية الدقة، ومباشرة تصل إلى قلب الهدف العسكري المراد استهدافه، دون الحاجة إلى تسجيل أضرار جانبية.
كما أنها تستطيع اختراق أعماق الأراضي والصخور الجبلية، فضلًا عن المتاريس الحديدية المُصنعة، ولا تمتلكها أي دولة في العالم سوى الولايات المُتحدة الأمريكية.
لجوء القوات الجوية الأمريكية، إلى استخدام هذا النوع من الأسلحة المتطورة ذات الطراز المتفرد، والتي لا يضاهيها في إمكانياتها وقدراتها أي سلاح جوي آخر في العالم، يشير إلى رسائل عديدة تسعى الولايات المتحدة لتوصيلها، ويقود التوقعات والتحليلات نحو الوقوف على أعتاب مرحلة جديدة تهيئ للدخول في منعطف آخر على مستوى التعاطي مع هجمات على الملاحة الدولية واستهداف سفن الشحن التجارية.
في هذا الصدد، يقول وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية المُعترف بها دوليًّا أسامة الشرمي: “يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية، باتت تمتلك اليوم بنك أهداف واضحًا في مناطق سيطرة الحوثيين، ومن خلال المعلومات التي لديها، فهي تعي جيدًا أبعاد هذه الأهداف، لذا استخدمت لها قاذفات الـ(B-2) الإستراتيجية”.
وبحسب الشرمي، فإن: “الضربات كان وقعها قويًّا جدًّا، حيث كبدت ميليشيا الحوثي خسائر فادحة، وفق شهود عيان، والذين تحدثوا عن انفجارات متتالية أعقبت القصف، وهذا دليل على أن أمريكا إما أنها أصبحت اليوم أكثر جدية في مواجهة الميليشيات، وبالتالي تحاول أن تُجفف مواردها وقدراتها ومخازنها، وإما أنها امتلكت اليوم مصدرًا للمعلومات من داخل مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، أثمرَ هذه الغارات الناجحة”.
أخبار ذات علاقة
ويتوقع الشرمي، في حديثه لـ”إرم نيوز”، بأن: “الأيام المُقبلة ستكون حُبلى بالمتغيرات، كون ميليشيا الحوثي باتت تلعب دورًا أكبر مما كانت عليه في المراحل السابقة ضمن إطار مشروع إيران التوسعي التخريبي”.
واستبعد الشرمي، أن تشهد المرحلة المقبلة، “استهدافًا مباشرًا لقيادات الحوثي من قبل الهجمات التي تنفذها أمريكا وبريطانيا”، لافتًا إلى أن هذا الأسلوب إسرائيلي، وقد أثبتت إسرائيل أن يدها طائلة وتصل إلى اليمن في أكثر من مناسبة”، مضيفًا: “وإذا توافرت لديها المعلومات عن مواقع وجود القيادات الحوثية، لن تتأخر، ولكن هي الآن منشغلة في معارك أخرى”.
ودعا المسؤول الحكومي، إلى أن: “يتم استهداف قيادات ميليشيا الحوثي، وألا يتم المساس بالبنية التحتية لليمن، كونها ملكًا للشعب اليمني”، مُشددًا: “ولا يمكن أن نقبل تحت أي ظرف من الظروف، بأن يتم استهدافها نكاية بميليشيا الحوثي، التي هي في الأساس تدمر في اليمن، بشتى الطرق التي تقدر عليها”.
رسالة إلى إيران
كما يُرجّح أسامة الشرمي، بأن “استخدام أمريكا، قاذفات (B-2)، في هذا التوقيت بالذات، فيها رسالة لإيران أكثر من كونها فقط للحوثيين، خصوصًا وأنها تتزامن مع الاستعدادات الإسرائيلية للرد على إيران”، مشيرًا إلى أن: “هذه الرسالة مفادها بأنه من المحتمل أن تُسخّر واشنطن هذه النوعية من الطائرات أمام تل أبيب، لتستخدمها في ردّها الذي بات أقرب من أي وقت مضى على طهران”.
بدوره، يرى الصحفي المتخصص في الشؤون العسكرية عدنان الجبرني، بأن “الغارات الجوية والضربات العسكرية، التي نفذتها المقاتلات الأمريكية، والمقدّرة بالمئات، والممتدة طيلة الـ10 الأشهر الماضية، تُعدّ هجمات اليوم عبر استخدام قاذفات (B-2)، هجمات حقيقية وجادّة”.
وذكر الجبرني، في سياق حديثه لـ”إرم نيوز”: “نستطيع القول إن هذه الغارات أول غارات تستهدف عبرها المقاتلات الأمريكية، بُنى تحتية حسّاسة ومهمة للحوثيين”.
وأضاف: “كما أنها رسالة استعراض قوية وشديدة القسوة، تؤكد من خلالها أمريكا أنها قادرة على الوصول لأي بنية تحتية مهما كان عمقها، وتمتلك القدرات الكافية والأسلحة المتطورة للوصول إلى حيث تُريد”.
ويعتقد الجبرني، بأن: “القوات الأمريكية، إذا استمرت في مواصلة شنّ هجمات، مماثلة لضربات اليوم، سيكون لها بالغ الأثر على الحوثيين”، منوهًا إلى أن ذلك “سيعتمد على مدى استجابة الحوثيين وردّ فعلهم خلال الفترة المقبلة”.
وواصل الجبرني، حديثه: “أعتقد ستكون هنالك ضربات مماثلة من هذا النوع، تستهدف البُنى التحتية الحقيقية والحسّاسة والمهمة للحوثيين، والتي يعرف عنها الأمريكان كثيرًا”.
ومضى الصحفي اليمني، قائلًا: “وعقب الانتهاء من هذه المرحلة التي ستبقى في إطار استهداف المعاقل العسكرية والقدرات القتالية والبُنى التحتية، وأيضًا لم تستجب ميليشيا الحوثي، حينها ستنتقل أمريكا إلى المرحلة التي تليها وهي استهداف القيادات الحوثية، واغتيال غالبية قادة الصف الأول والمُسيّرة لكافة إدارة مخططات الميليشيا الإرهابية”.
وبيَّن الجبرني، من وجهة نظره، السياسة العسكرية الأمريكية مع الحوثيين، والتي تتمحور في 3 مراحل: “المرحلة الأولى، هي التي كانت تسير عليها الضربات طيلة الأشهر الماضية، والتي كانت مجرد ضربات احتوائية ودفاعية، فيما انتقلت اليوم إلى المرحلة الثانية من خلال الهجوم الأول من نوعه بهذا المستوى، والتي ترتكز على استهداف البُنية التحتية الحقيقية والحسّاسة والمهمة؛ ما سيُفقد الحوثيين قدراتهم العسكرية لشلّ حركتهم، فيما ستكون المرحلة الثالثة والأخيرة القضاء والإجهاز على قيادات الصف الأول”.
نوفمبر 23, 2024
نوفمبر 23, 2024
نوفمبر 23, 2024
نوفمبر 23, 2024