الإثنين , 14 أكتوبر 2024
بقلم المدرب/عارف عبدالهادي الصبيحي
ياصديقي
يقول الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿وَأَن لَيسَ لِلإِنسانِ إِلّا ما سَعى () وَأَنَّ سَعيَهُ سَوفَ يُرى﴾ سورة النجم: [39-40]
ويقول الشاعر:
وكل امُرِىءٍ يَوْمًا سَيُعْرَفُ سَعْيُهُ
إذَا حُصّلَتْ عِنْدَ الإلهِ الحَصَائلُ
من الجميل أن نرى في مجتمعاتنا من يسعى نحو تحقيق هدفه وأحلامه، ويسعى جاهدًا للصعود إلى أعلى القمم.
عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إن الله يحب معالي الأمور، ويكره سفاسفها”؛ أي: رفيعة القدر، عالية الشأن، تُعلي شأنَ أصحابها في الدنيا والآخرة،
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “فِي الجَنَّةِ مِائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَالْفِرْدَوْسُ أَعْلاَهَا دَرَجَةً وَمِنْهَا تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ الأَرْبَعَةُ، وَمِنْ فَوْقِهَا يَكُونُ العَرْشُ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ”.
ويقصد النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك تقوية الهمة، والعزيمة، وسؤال الله الأعلى والأفضل، والسمو عن الدون،
يقول ابن الجوزي -رحمه الله-:
“من علامة كمال العقل علو الهمة، والراضي بالدون دني”.
ولأننا خلقنا في هذه الدنيا من أجل هذه الغاية، وغايتنا هي: رضا الله، والفوز بالجنة؛
ولكن هناك أهداف دنيوية نسعى إلى تحقيقها؛ لكي نبني بها أوطاننا، وننهض بأمتنا، ونطور بلداننا، وحضاراتنا ونحافظ على مبادئنا وأخلاقنا، ونكف أيدينا على مساعدة الآخرين لنا؛ لكيلا يتسلطوا علينا، وما نجاح المسلمين في العصر الذهبي، (عصر النبوة) إلا بعملهم، وعلمهم، ومبادئهم، وأخلاقهم، وتمسكم بكتاب الله وسنة نبيه -عليه أفضل الصلاة والسلام- يقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: “إني أكره الرجل يمشي سبهللًا، لا في أمر الدنيا، ولا في أمر الآخرة”؛أي؛ يقصد لا من دنياه انتفع، ولا لآخرته عمل.
فلا ترضَ من الصلاة إلا باشدها خشوعًا، ولاترضَ من العمل الا بأتقنه، ولا ترضَ من القمم إلا باعلاها، ولاترضَ من العلم إلا بأعمقه، ولاترضَ في تخصصك إلا أن تكون الأول؛ ولكن ما نراه اليوم في مجتمعاتنا من تفلت للأخلاق، والمبادئ، والبعد عن الله، وانتشار العادات السيئة، والرذيلة، والسعي خلف الشهرة بتجردهم عن الأدب والأخلاق والمبادئ،قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “إن العبدَ ليبلغُ بحسنِ خُلقِه عظيمَ درجاتِ الآخرةِ، وشرفِ المنازلِ، وإنه لضعيفُ العبادةِ، وإنه ليبلغُ بسوءِ خُلقِه أسفلَ درجةٍ في جهنمَ”.
وما إخفاقهم وضعفهم وتسلط الأعداء الآن وفي مواقع كثيرة إلا بتركهم لتلك المبادئ، واعتمادهم على غيرهم، وتلك الأسباب أدت إلى هلاكهم وخرابهم.
إن من وصل وحقق مبتغاه، وهدفه، ونال شهادة في أي مجال كان يحلم بها، وسعى لتحقيقها، وفي منتصف الطريق ترك مبادئه، وأخلاقه، وقربه من الله؛ بل ووصل حال بعضهم إلى نسيان من كان لهما الفضل عليه، وهما والداه، وبعضهم حتى لا يعرف طريق المسجد، وبعضهم أصابه الكبر، والعنجهية، والتعجرف؛ بل وصار يتهجم على الذين ثبتهم الله، وفتيات تنازلن عن مبادئهن وأخلاقهن؛ بل حتى تركن ملابس الحشمة والستر الذي أمر الله؛ لأنهن؛ صرن يحملن شهادة كذا، ونلن شرفًا أو شهرة .
يقول الشاعر
وإذا أُصـيـب القـــوم في أخـلاقـهــــم
فـأقـــمْ عـلـيـهـــم مـأتـمـــًا وعــويــلا
وإذا الــنـســاء نــشـــأن فـي أمـــيــــة
رضـــع الــرجــال جــهـالــة وخـــمــولا
ياصديقي، لا بأس أن نسعى، ونجتهد، ونعملً ونتعلم، ونسير، ونمضي قدمًا نحو تحقيق أهدافنا.
يقول عمر بن عبد العَزِيز: ≪ خلقت لي نفس تواقة لم تزل تتوق إلى الإمارَة فَلَمّا نلتها تاقت إلى الخلافَة فَلَمّا نلتها تاقت إلى الجنَّة ≫.
📖 ابن الجوزي | المدهش (٢٢٨)
ويقول ابن الجوزي -رحمه الله-:
“أتطمعُ فِي منازِلِ السَّاداتِ وَأَنتَ مِنْ أَصحابِ الوِسادات؟!”
نعم ياصديقي، هذي هي همم الأبطال، لا يكتفي بقمة واحدة؛ بل كلما وصل إلى لقمة نظر للذي أعلى منه، ولكن كان همهم الوحيد هي الجنة.
حكموا مشارق الأرض ومغاربها،وسُطرت نجاحاتهم وكلماتهم على مر التاريخ،
وأعظم شيء كانوا يحافظون عليه هو (الدين، والأدب، والأخلاق، والمبادئ).
ولكن ياصديقي إن الفشل الحقيقي في السير نحو تحقيق هدفك هو: تركك للأدب وللأخلاق للمبادئ ولقربك من الله.
قيل ليوسف -عليه السلام- وهو في السجن: ﴿إِنّا نَراكَ مِنَ المُحسِنينَ﴾، وقيل له وهو على خزائن مصر: ﴿إِنّا نَراكَ مِنَ المُحسِنينَ﴾؛ فالمعدن الطيب ياصديقي لا تغيره مناصب، ولا مصائب، ولا جاه، ولا مكاسب.
اعلامي جنوبي
أكتوبر 13, 2024
أكتوبر 13, 2024
أكتوبر 13, 2024
أكتوبر 13, 2024