العين تواصل مليشيات الحوثي العبث باليمن بحثا عن مكاسب في عديد الملفات والأوراق مما انعكس سلبا على اقتصاد البلاد.
واعتمدت مليشيات الحوثي طيلة العقد الماضي من انقلابها، نهج ثابت لإضفاء الشرعية وترسيخ حكمها وإضعاف نفوذ مناهضيها من بوابة انتزاع المكاسب المتدرجة لاسيما الملفات الاقتصادية.
واعترف زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي صراحة بهذا النهج في خطابه المرئي في يوليو/تموز الماضي بزعم “مقابلة كل شيء بمثله” أي تكتيك “وحدة بواحدة” ومبدأ “المعاملة بالمثل”، وهي سياسة كُرست لانتزاع مكاسب تخص البنوك والموانئ والمطارات وكل المنشآت المختطفة التي تستغلها لشرعنة النهب والإجرام.
حدث ذلك، عند ضغط مليشيات الحوثي للحصول على اعتراف دولي بجوازات السفر الصادرة عن مصلحة الهجرة والجوازات الخاضعة لسيطرتها وظهر أكثر عند تعطيلها ميناء عدن لصالح ميناء الحديدة الذي أجبرت التجار بالقوة الاستيراد منه بدلا من موانئ الشرعية.
ولم تكتف مليشيات الحوثي بتكبيد الحكومة اليمنية وحلفائها خسائر اقتصادية كبيرة وإنما انتقلت لملفات أخرى كـ”فصل شركة الخطوط الجوية اليمنية” وتقاسمها بالقوة بعد اختطاف 4 طائرات واحتجاز أكثر من 100 مليون دولار من أرصدتها، والضغط لمساومة البنك المركزي في عدن ببنك صنعاء لتشيد نظام مالي مواز.
كذلك عطلت موانئ تصدير النفط لتقاسم حصصه المالية بالقوة، لسحب البساط من تحت المؤسسات الشرعية، عبر انتزاع تدريجي لوظائف عملها، وهو حال يكشف بصمات توجهاتها المقبلة لتشغيل مطاري صنعاء والحوبان على حساب مطاري عدن وسيئون وغيرها، وفقا لمراقبين.
مخاوف من هزات اقتصادية
ويرى أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة عدن، الدكتور سامي نعمان، أن مبدأ التعامل بالمثل الذي ينتهجه الحوثي لانتزاع المكاسب “يستهدف تعزيز مكانة سطوتها الاقتصادية والسياسية داخليا وخارجيا”.
ويقول نعمان لـ”العين الإخبارية”: إن “الحوثي يحاول تجريد مؤسسات الشرعية من وزن الاعتراف الدولي، والتأثير على هذه المنشآت بما في ذلك السيادية دون أن يكون لها قيمة بالمناطق المحررة لصالح نفوذها شمالا”.
كما أن “التأثيرات السياسية الدولية للحوثي ستتعاظم تدريجيا على المستوى الإقليمي لفرض نفسه ممثلا وحيدا للشعب اليمني والتعامل معه على هذا الأساس رغم أنه لا يشكل حتى 5%”، وفقا للخبير الاقتصادي.
وحذر أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية من ازدياد “إجراءات الحوثي الاقتصادية وقراراته والتي تتوسع لتشمل تعديل قوانين وتغيير مسميات مؤسسات؛ نتيجة لصمت الشرعية في مواجهة هذه التصرفات”.
وأبدى نعمان مخاوفه من أن تعرض الاقتصاد اليمني خاصة مناطق سيطرة الشرعية لهزات عديدة، لسحب البساط من الشرعية ليصبح الحوثي ومؤسساته وأذرعه الاقتصادية هم المؤثرين في المشهد اليمني”.
هرولة مخيفة
من جهته، حذر الخبير الاقتصادي اليمني ماجد الداعري، من توظيف مليشيات الحوثي للملفات الاقتصادية والإنسانية لصالح شرعنة سطوته في ظل “هرولة مخيفة ومقلقة جدا” لمنحه المكاسب على حساب الحكومة المعترف بها دوليا وحلفها على الأرض.
ولفت إلى أن “التداعيات الوخيمة للتراجع عن قرارات البنك اليمني السيادية، والمتعلقة بتنظيم وإدارة القطاع المصرفي ومحاربة التمويلات المالية المشبوهة التي تصل إلى الجماعة عبر البنوك المراقبة”.
وأشار كان التراجع البنكي مقابل الاتفاق الاقتصادي الأممي لكن الحوثي جمد النقاشات كغيرها من الاتفاقيات وذلك بعد حصولهم على اعتراف لإبقاء حربها الاقتصادية من طرف واحد وتعزيز نفوذ تحكمها بالبنوك التجارية.
وأوضح الداعري أن محاولة الحوثي انتزاع اعتراف بالجوازات هو ضمن نهج “مقابلة الشيء بمثله” للتعامل مع أي ملف لتقوية شوكته مما يبقيه خنجرا إيرانيا دائما على دول المنطقة، في ظل تراخ دولي وأممي.
وكانت مصلحة الهجرة والجوازات اليمنية حذرت من مغبة قبول أو التعامل بجوازات السفر التي تصدرها مليشيات الحوثي وأكدت أنها “غير قانونية” وتعد من “الأعمال الإجرامية التخريبية والإرهابية”.