تعد قضية تهامة من القضايا المحورية التي تحظى باهتمام دولي وإقليمي بعد عقود من التهميش والظلم الذي تعرض له أهلها. هذه المظلومية، التي سعت القوى السياسية التابعة للهضبة الزيدية إلى إخفائها، أصبحت اليوم على طاولة المجتمع الدولي والمنظمات ومراكز الدراسات وصناع القرار. وذلك بفضل تطور الوعي التهامي، المدرك لمحاولات القوى السياسية الالتفاف على هذه المظلومية وحق التهامييون في تقرير مصيرهم.
فتهامة، الواقعة على ساحل البحر الأحمر، عانت من التهميش الاقتصادي والسياسي والثقافي لسنوات طويلة. منذ الاحتلال الإمامي لتهامة وصولًا إلى الحكم الجمهوري، لم تُمنح تهامة الفرصة الكافية للمشاركة الفعالة في صنع القرار أو الاستفادة من ثرواتها الطبيعية. هذا التهميش أثر سلبًا على مستوى التنمية والخدمات في المنطقة، مما جعل سكانها يعيشون في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة.
شهد الوعي التهامي تحولًا كبيرًا، خاصة بين الشباب الذين بدأوا يدركون حجم الظلم والتهميش الذي تعرضت له تهامة. هذا الوعي لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة تزايد التفاعل مع الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، والانفتاح على التجارب السياسية الأخرى في المنطقة. أصبح التهاميون، وخاصة الجيل الشاب، يرفضون بشكل قاطع أن يحكمهم زيدي في أرضهم، ويرون في ذلك انتقاصًا من حقوقهم الأساسية.
ساهمت الأسرة التهامية في تعزيز هذا الوعي من خلال نقل تجارب الأجيال السابقة وتوضيح التحديات التي واجهتها تهامة. وأصبح الحديث عن الحقوق والتهميش جزءًا من النقاش اليومي داخل الأسر والمجتمعات المحلية، مما أدى إلى تزايد الرغبة في التغيير والتحرر من الهيمنة الزيدية.
تعمل القوى السياسية، التي كانت شريكة في ظلم الإنسان التهامي، على إعادة إنتاج نفسها بأدوات جديدة تدعي أنها تسعى لإنصاف تهامة. هذه الأدوات، بالرغم من مظهرها الجديد، تهدف إلى احتواء الوعي التهامي والحفاظ على الوضع القائم. تحاول هذه القوى تصدير نفسها كممثلة لحقوق التهاميين في المحافل السياسية، لكنها في الواقع تعمل على إجهاض هذا الوعي من خلال ممارسات الترغيب والترهيب. تستخدم هذه القوى النفوذ المالي المستمد من خيرات تهامة المنهوبة، أو من مخصصات باسم تهامة، للتلاعب والتأثير على الرأي العام المحلي.
أصبح التهاميون يدركون جيدًا محاولات الالتفاف على قضيتهم ومحاولة إجهاضها. هذا الإدراك جعلهم أكثر حذرًا من الانخداع بمحاولات القوى السياسية التي تدعي الوقوف إلى جانبهم بينما تعمل على حماية مصالحها الخاصة. شهدت تهامة تنظيمات شعبية وحركات مقاومة تعبر عن رفضها للهيمنة الزيدية ولأي محاولة لاحتواء وعيها الثوري. هذه الحركات بدأت بتوجيه مطالب واضحة للعدالة والمساواة، معبرة عن إصرارها على نيل حقوقها كاملة دون أي تهاون.
بدأ المجتمع الدولي يلتفت إلى قضية تهامة ويعترف بالمظلومية التي تعرضت لها. العديد من المنظمات الحقوقية ومراكز الدراسات بدأت تركز على تهامة، مما ساهم في زيادة الوعي العالمي بقضية التهاميين. يعد دعم المجتمع الدولي لتحولات تهامة السياسية أمرًا حيويًا. يجب على القوى الدولية أن تساند جهود التهاميين في نيل حقوقهم وتحقيق العدالة .
إن المظلومية التهامية لم تعد قضية مخفية، بل أصبحت على مرأى ومسمع المجتمع الدولي. التهاميون اليوم أكثر وعيًا بحقوقهم ويطالبون بالعدالة والإنصاف. على القوى السياسية أن تعي أن محاولاتها للالتفاف على هذه المظلومية مصيرها الفشل، لأن التهاميين قد استعادوا وعيهم وإرادتهم ولن يتنازلوا عن حقوقهم المشروعة. إن الطريق نحو تحقيق العدالة يبدأ بالاعتراف بالظلم الواقع والعمل بجدية على تصحيح الأوضاع لتحقيق مستقبل أفضل لتهامة وأهلها. وعلى المجتمع الدولي أن يدرك أهمية دعم هذه القضية لضمان الاستقرار والتنمية في منطقة تهامة واليمن بأسره.