الجمعة , 22 نوفمبر 2024
عدة رسائل حاولت إسرائيل إرسالها من خلال الهجوم المنسوب لها على مدينة أصفهان بوسط إيران والذي جاء ردا على هجوم إيراني بطائرات مسيرة وصواريخ استهدف إسرائيل، السبت، الماضي، على الرغم من أن محللين رأوا فيه بمثابة اتفاق غير معلن بين الجانبين على “عدم التصعيد” والذهاب لحرب مفتوحة.
وغابت التصريحات الرسمية الإسرائيلية بشأن الهجوم، لكن وسائل إعلام إسرائيلية نقلت تقارير أجنبية عن ضربة إسرائيلية على إيران، بينما قللت طهران من أهمية الهجوم.
أول تعليق رسمي إيراني على “الهجوم الإسرائيلي”
قال وزير خارجية إيران أمير عبد اللهيان إن طائرات مسيرة صغيرة لم تسبب خسائر مادية أو بشرية في أصفهان رغم جهود وسائل الإعلام الموالية لإسرائيل لتصوير الهزيمة نصرا.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن الطائرات المسيرة التي تقول مصادر إن إسرائيل أطلقتها على مدينة أصفهان اليوم الجمعة لم تسبب خسائر مادية أو بشرية.
ونقلت رويترز عن عبد اللهيان قوله “وسائل الإعلام الداعمة للنظام الصهيوني حاولت يائسة تصوير الهزيمة على أنها نصر في حين أن الطائرات الصغيرة التي أُسقطت لم تسبب أي أضرار أو إصابات”.
وفي تصريح لوكالة رويترز قال مسؤول إيراني، لم يتم الكشف عن هويته، أن السلطات “لم تتأكد من أن هناك مصدرا خارجيا وراء الواقعة”، مضيفا “لم نتعرض لأي هجوم خارجي والنقاش يميل أكثر نحو تسلل وليس هجوما”.
بالمقابل استشهدت وسائل إعلام إسرائيلية بتقارير من صحيفتي نيويورك تايمز وواشنطن بوست نقلت تأكيد مسؤولين إسرائيليين لم تذكر أسماءهم بأن إسرائيل تقف وراء الهجوم، لكنهما لم تنشرا تأكيدا رسميا.
“الهجوم الإسرائيلي على إيران”.. “صواريخ العراق” تفند رواية طهران
في الوقت الذي تحاول فيه السلطات الإيرانية الترويج لرواية مفادها بأن الانفجارات التي وقعت فجرا في أصفهان ناجمة عن إسقاط الدفاعات الجوية الإيرانية لثلاث طائرات مسيرة فوق المدينة وأنها لهجوم نفذه “متسللون”، وليس إسرائيل، تشير الوقائع على الأرض إلى عكس ذلك وأن الهجوم جاء من الخارج.
وبغض النظر عما إذا كانت إسرائيل ستعلن رسميا أنها من شنت الهجوم، إلا أن محللين يرون أنها حاولت إرسال عدة رسائل من خلال طبيعة الهجوم والمكان الذي حصل فيه.
تضم أصفهان منشأة تحتوي على ثلاثة مفاعلات بحثية صغيرة قدمتها الصين، فضلا عن إنتاج الوقود وأنشطة أخرى للبرنامج النووي المدني الإيراني.
ويرى الباحث في شؤون الأمن والإرهاب في معهد “هدسون” مايكل بريجنت أن “إسرائيل نفذت ضربة مخطط لها بعناية على المواقع الإيرانية الأكثر حماية والأكثر حساسية في أصفهان”.
ويضيف بريجنت لموقع “الحرة” أن “الرسالة الإسرائيلية إلى طهران مفادها أننا قادرون على شن ضربة في أي مكان في إيران ولا تستطيع إيران فعل أي شيء حيال ذلك”.
ويشبه بريجنت ما حدث بأنه “يعادل قيام شخص ما باقتحام منزلك والتقاط صورة لك أثناء نومك في غرفتك”.
“والشيء الأكثر الذي يمكن أن يزعج طهران هو أن إسرائيل أرادت القول إن هذا ما يمكننا القيام به في معظم المواقع الحساسة”، بحسب بريجنت، الذي أشار إلى أن ضربة اليوم “أعادت تأسيس قواعد الردع بين البلدين”.
لم تتسبب الضربة في حصول أي أضرار جسيمة، وتشير الطريقة الهادئة التي تعامل بها البلدان مع التقارير بخصوص الهجوم إلى نيتهما عدم التصعيد على الأقل في الوقت الحالي.
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الانفجارات التي وقعت الجمعة قرب قاعدة عسكرية في قهجاورستان الواقعة بين أصفهان ومطارها في وسط البلاد، مرتبطة بهجوم إسرائيلي ضد إيران ردا على الهجوم الإيراني على الأراضي الإسرائيلية خلال نهاية الأسبوع.
في هذه الأثناء، بدت طهران ميّالة إلى تهدئة الوضع، اذ أشارت إلى هجوم من دون استخدام صواريخ وأوضحت أنّ المنشآت النووية آمنة.
يقول الخبير الأمني والاستراتيجي محمد عبد الواحد إن “الضربة تشير بما لا يقبل الشك إلى أن إسرائيل هي من نفذتها بطريقة رمزية محدودة في نطاق ضيق بعيدا عن التجمعات السكانية الكبيرة والأماكن الاستراتيجية حتى لا تستفز إيران”.
ويضيف عبد الواحد لموقع “الحرة” أن “الرغبة من كلا الطرفين موجودة في عدم الذهاب للتصعيد والاكتفاء بحرب الظل غير المباشرة”.
ويبين عبد الواحد أن “الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة بأنها تستطيع الوصول للعمق الإيراني وجعل المفاعلات النووية في أصفهان في مرمى نيران الطائرات”.
ويعتقد عبد الواحد أن “الضربة لم تتجاوز حدود اللعبة بين إسرائيل وإيران، وكذلك حاولت إسرائيل من خلالها القول إنه في حال كانت هناك قواعد اشتباك جديدة فنحن من سنضعها وليست طهران”.
عبد الواحد لفت أيضا إلى أن “إسرائيل تريد أن تقول أيضا أن مسيراتها وطائراتها وأسلحتها وعملاءها قادرون على الوصول لعمق إيران والمفاعلات النووية وما جرى فجر الجمعة هو عينة أو دليل على ذلك”.
“وبالمحصلة فإن هذه الرسالة التهديدية الإسرائيلية يجب أن تؤخذ على محمل الجد، لأن إسرائيل تهدد وتنفذ على عكس إيران التي تهدد لكنها لا تفعل شيئا”، وفقا لعبد الواحد.
بدوره يقول مايكل هوروويتز المحلّل في مؤسسة “لو بيك” للاستشارات للمخاطر الجيوسياسية لفران برس إن “هذا ردّ محسوب يهدف إلى إظهار قدرة إسرائيل على ضرب الأراضي الإيرانية من دون إثارة أي تصعيد”.
ويقول جوليان بارنيس-دايسي من المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية “يبدو أننا في وقت يسعى الجانبان إلى الخروج من دائرة التصعيد الحالية إذ نفذت إسرائيل هجوما محدودا للغاية لإظهار الرد على الضربات الإيرانية، بينما سرعان ما قلّلت طهران من أهمية الحادث حتى لا تضطر إلى الرد عليه”.
ويرى حسني عبيدي من مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسطي الذي يتخذ من جنيف مقرا، إلى “شبه تماثل” بين الهجومين الإيراني والإسرائيلي، ما قد يدفع الطرفان إلى التفكير في إمكانية ترك الأمر عند هذا الحد.
ويقول إن “الضربة الإسرائيلية استهدفت قاعدة جوية كانت بمثابة منصة لإطلاق الصواريخ والمسيرات على إسرائيل” الأسبوع الماضي، مضيفا أن “الإسرائيليين كانوا حريصين على عدم المساس بالمواقع النووية المهمة الموجودة في المحافظة نفسها، أي أصفهان”.
“قلب إيران النووي” ومقاتلات أميركية.. أصفهان في مرمى النيران
تصدرت مدينة أصفهان بإيران، عناوين الأخبار، صباح الجمعة، في أعقاب تقارير عن تعرضها لضربة إسرائيلية مزعومة، بعد أن أفيد بسماع دوي انفجارات فجرا، بالمدينة الواقعة وسط البلاد.
ومن شأن هذا الوضع أن يرضي طهران التي “ليس لديها مصلحة في استمرار هذا التوتر”، لأن “أولويتها القصوى” هي مواصلة برنامجها النووي، الذي يعد ضمان بقاء النظام، وفقا لهذا الخبير في شؤون الشرق الأوسط.
وكان الهجوم هو أحدث ضربة متبادلة بعد مقتل سبعة ضباط إيرانيين في غارة على مجمع السفارة الإيرانية في دمشق مطلع هذا الشهر، الأمر الذي أثار مخاوف من تحول الحرب في غزة إلى صراع إقليمي واسع.
ورغم أن إسرائيل لم تؤكد مطلقا أنها كانت وراء الهجوم الذي وقع في الأول من أبريل، أطلقت إيران، السبت، وابلا من مئات الطائرات المسيرة والصواريخ ردا على الهجوم أسقطتها الدفاعات الجوية لإسرائيل وحلفائها بنجاح.
فلسطينيون يتجمعون على شاطئ دير البلح في وسط قطاع غزة في 17 أبريل 2024، وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة حماس
سلطت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية الضوء على مقطع الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع لسكان غزة على الشاطئ والذي قالت إنه أثار حالة من الجدل المجتمعي وأغضب بعض الإسرائيليين.
وانتقدت الصحيفة تعليقات بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي الإسرائيليين والذين استخدموا هذه الصور للتشكيك في كل ما يقال عن تعرض الفلسطينيين لـ”إبادة جماعية وتطهير عرقي ومجاعة”.
وأوضحت أن الكثيرين في إسرائيل لا يصدقون أن “رؤية بعض الأشخاص على الشاطئ لا تنفي أنه من بين مليوني شخص يعيشون في غزة يمكن أن يكون الكثيرون تعرضوا للموت والجوع والنزوح”.
ولم تصل منشورات أخرى إلى حد اتهام سكان غزة بتزييف المجاعة، وبدلاً من ذلك سلطت الضوء على شعور الإسرائيليين بالمرارة بسبب رؤيتهم لطفل فلسطيني تجرأ وأظهر استمتاعا بيوم على الشاطئ، في حين تم إغلاق بعض الشواطئ في الشمال والجنوب على الجانب الإسرائيلي منذ ما يقرب من سبعة شهور.
وغرد صحافي القناة 13، أموغ بوكر، قائلاً إن الصور “ألحقت الأذى بجسده”، وأضاف: “في حين أن شاطئنا زيكيم تم إعلانه منطقة عسكرية مغلقة، على الجانب الآخر من السياج يقضي سكان غزة وقتهم على الشاطئ ويستحمون في البحر كما لو لم تكن هناك حرب”.
وبالنسبة للجانب الفلسطيني، أشارت الصحيفة إلى أنه ظهرت أيضا العديد من التعليقات المختلفة تماما، منها أشار البعض إلى أن مياه البحر الباردة هي الطريقة الوحيدة للهروب من درجات الحرارة الحارقة للخيام التي يضطر العديد من سكان غزة الاحتماء بها الآن بعد أن تحولت منازلهم إلى أنقاض.
ورأى آخرون أن الفيديو كان بمثابة انتصار، وشهادة على صمود الفلسطينيين. وقالت تغريدة أخرى “كل ما فعلته إسرائيل الإرهابية لتدمير أهل غزة لن ينجح، لأننا شعب يحب الحياة”.
الحرة / خاص – واشنطن
نوفمبر 11, 2024
نوفمبر 8, 2024
نوفمبر 8, 2024
نوفمبر 8, 2024