الجمعة , 22 نوفمبر 2024
ما دور “الخبراء الأجانب” في هجمات ميليشيا الحوثيين البحرية؟
إرم نيوز:
مع استمرار هجمات ميليشيا الحوثيين في مياه البحر الأحمر وخليج عدن، يشير مراقبون إلى دور حيوي لـ”خبراء أجانب” من إيران تحديدًا، إضافة إلى لبنان والعراق.
يأتي ذلك في ظل تساؤلات رافقت الهجمات حول مدى القدرات العسكرية البحرية لميليشيا قادمة من بيئة جبلية وعرة، لا تمتلك خبرات كافية في التعامل مع مسرح عمليات في السهول الساحلية المنبسطة، منذ نشأتها.
وكان المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، قال الثلاثاء الماضي، أمام لجنة في مجلس الشيوخ، إن “أعدادًا كبيرة” من النشطاء الإيرانيين واللبنانيين، يدعمون هجمات الحوثيين ضد الملاحة الدولية.
وفي حين ينفي الحوثيون “أي ضلوع لإيران أو حزب الله في المساعدة على توجيه هجمات البحر الأحمر”، هدد زعيم الميليشيا، عبدالملك الحوثي، أمس الخميس، بـ”مفاجآت كبرى قادمة”.
ومنذ عام 2019، تتهم واشنطن القيادي في الحرس الثوري الإيراني، عبد الرضا شهلائي بإدارة “فيلق القدس” في اليمن، ومدّ الحوثيين بالأسلحة المتطوّرة والتدريب، بينما أشارت مجلة “إنتيليجنس أونلاين” الاستخباراتية الفرنسية في العام ذاته، إلى أن شهلائي يرأس قوّة من 400 مقاتل في اليمن، من “الحرس الثوري الإيراني” معززين بخبراء من ميليشيا حزب الله.
وفشلت الولايات المتحدة، مطلع يناير/ كانون الثاني من العام 2020، في اغتيال شهلائي قرب صنعاء، عبر هجوم طائرة دون طيار، ما أدى إلى مقتل عضو آخر أقل رتبة في الحرس الثوري الإيراني، يدعى محمد ميرزا، اعترف فيلق القدس بمقتله لاحقًا، طبقًا لموقع “ذا إنترسبت” الأمريكي.
وتعود عملية وصول الخبراء الأجانب إلى الأراضي اليمنية بشكل علني، إلى فترة ما بعد سيطرة ميليشيا الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء، وانقلابها رسميًا على السلطة.
منذ ذلك الوقت وقّعت الميليشيا مذكرة تفاهم مع إحدى الشركات الجوية الإيرانية، لتسيير 14 رحلة أسبوعيًا من طهران إلى صنعاء، وصلت أولاها في مستهل، مارس/ آذار 2015.
ويقول الخبير العسكري، العقيد وضاح العوبلي، إنه من الواضح أن عددًا كبيرًا من الخبراء الإيرانيين واللبنانيين، “استغلوا أحداث الربيع العربي العام 2011، وما تلاه من انفلات أمني في اليمن بعد تلك الأحداث، للدخول إلى اليمن عبر منافذ ومسارات متعددة، وهؤلاء باعتقادي مثّلوا الأساس الذي اعتمدت عليه ميليشيات الحوثيين في مراحلها الانقلابية الأولى”.
ويشير العوبلي، في حديث لـ”إرم نيوز”، إلى دخول عدد من الخبراء الإيرانيين واللبنانيين إلى اليمن، عبر مسالك تهريب برّية أو بحرية، عقب مرحلة انطلاق “عاصفة الحزم”، في العام 2015، ويقول إن منهم من انتحل صفة العمل الإنساني أو الصحي، ليتمكن من الوصول إلى مناطق الحوثيين بهذه الطريقة.
وبيّن أن ظهور الخبير الإيراني، حسين إيرلو، في العام 2020، من صنعاء، “كان لافتًا، بالتزامن مع إعلان إيران تعيين سفير لها في صنعاء، وقد تمكنت من تمريره على الأرجح عبر إحدى رحلات الطيران الأممي إلى مطار المدينة الخاضعة لسيطرة الحوثيين”.
وأوضح أنها “استطاعت التحايل على الأمم المتحدة، بأنها في حاجة لممثل سياسي لها في صنعاء لتتمكن عبر ذلك من ترويض جماعة الحوثي لإبداء بعض المرونة في مواقفهم من المبادرات الأممية”.
وأكد: “أظهرت الأيام أنه خبير عسكري، كما أن موقف الحوثيين ظل يراوح في بؤرة التصلّب والنفور أمام مبادرات السلام”.
ويضيف العوبلي أن التقارير والمعطيات تتوارد عن وجود خبراء من جنسيات أخرى، “وهؤلاء ظهروا، مؤخرًا، في مناطق سيطرة الحوثي، بعد أن تم رفع القيود على مطار صنعاء وميناء الحديدة، وهو الأمر الذي استغلّه الحوثيون وإيران، لأهدافهم وأجنداتهم العسكرية والعدائية”.
وكانت الخارجية الإيرانية قد أعلنت، في ديسمبر/ كانون الأول من العام 2021، وفاة الضابط في فيلق القدس، حسن إيرلو، بزعم إصابته بوباء كورونا، بعد بضعة أيام من مغادرته اليمن.
ووصفته بيانات النعي الإيرانية، بـ”أحد قادة المقاومة” وبـ”الشهيد”، وسط ترجيحات يمنية بمقتله في غارة جوية شنتها طائرات التحالف العربي.
وكان نائب الرئيس اليمني السابق، الفريق الركن علي محسن الأحمر، قد أكد في تصريحات صحفية، في العام 2017، وجود 150 خبيرًا عسكريًا إيرانيًا ولبنانيًا وعراقيًا في صنعاء وحدها، إضافة إلى 58 خبيرًا إيرانيًا، يديرون معركة الحديدة، ويتولون عملية إعداد الألغام البحرية.
ويعتقد خبير الشؤون الإستراتيجية والعسكرية، علي الذهب، أن ميليشيا الحوثيين “جماعة بدائية” ليست لديها الإمكانية ولا القدرة على إدارة الصواريخ والطائرات غير المأهولة، أو نحو ذلك من أسلحة حديثة.
وأوضح الذهب أن “إيران لا يمكنها تقديم أسلحة إستراتيجية متطورة لهم دون أن يكون معها مشغلون لها”.
وقال لـ”إرم نيوز”، إن الدور الذي يلعبه الخبراء الإيرانيون واللبنانيون في اليمن، يتمثّل في إدارة العمليات العسكرية في البرّ والبحر، “وذلك عبر إدارة منظومة الصواريخ ومنظومات الطائرات غير المأهولة، إلى جانب التخطيط الإستراتيجي ودورهم في التدريب”.
وأضاف الذهب أن هناك دورًا يمارسه الخبراء الأجانب في اليمن، من خلال عمليات الدفاع الجوي، “لا سيما أن هناك وقائع تثبت أن الحوثيين أسقطوا طائرة MQ9، مؤخرًا، في الحديدة، وهناك الكثير من العمليات العسكرية البرّية والبحرية والجوية، التي تحمل بصمات واضحة للخبراء الأجانب”.
كما أشار إلى الدعم المعلوماتي واللوجستي الذي يقدمه الخبراء الإيرانيون واللبنانيون للحوثيين، الذين قال إنهم “جماعة منغلقة لا يمكن لهم أن يصولوا ويجولوا في البحر، دون أن يكون هناك أي دعم من إيران، ولربما كذلك يُقدّم لهم الدعم من دول أخرى”.
وقال الذهب إنه “لا يمكن إنكار الدور الذي لعبه الجيش اليمني السابق ومقدّراته وإمكانياته التي استولوا عليها، والتي استفادوا منها في ظل تخليهم عن الاستحقاقات تجاه المواطنين من رواتب وخدمات، وتوجيههم إيرادات الموانئ والضرائب والجمارك والزكوات والجبايات كلها لخدمة الجانب العسكري”.
وأشار كذلك إلى “من جرى استقطابه من كوادر الجيش اليمني من مهندسين وخبراء محليين خلال فترة الصراع وما سبقه، لتلقي التدريب الذي تقدمها إيران للعناصر الحوثية، خاصة في أكاديمية علي خامنئي للعلوم والتكنولوجيا البحرية، التي تخرّج منها كثير من المتخصصين في العمليات البحرية”.
وسبق أن أوقفت السلطات اليمنية، مطلع عام 2013، عددًا من الخبراء الإيرانيين إلى جانب يمنيين آخرين، من طاقم السفينة الإيرانية “جيهان1″، التي كانت تنقل 48 طنًا من السلاح والمتفجرات إلى البلد، قبل أن تقوم ميليشيات الحوثيين بالإفراج عنهم، بعد أكثر من أسبوعين من سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء، في سبتمبر/ أيلول 2014، رغم صدور أحكام قضائية بحقهم.
ويرى الباحث والمحلل العسكري، العميد ثابت حسين، أن إيران لم تكتف بما قدمته من دعم سخي لميليشيا الحوثيين، بمختلف أنواع الأسلحة، بما فيها الأسلحة المتطورة والحديثة الممنوعة على البلدان النامية.
وأكد أن خبراءها وخبراء ميليشيا حزب الله في اليمن، هم من يخوض ويدير الهجمات البحرية “التي لا يمكن وصفها بالمعارك الفعلية، لأنها عبارة عن قرصنة واختطاف سفن أو مضايقتها، وكل ذلك عن بُعد”.
وأضاف لـ”إرم نيوز”، أن هناك قوى أخرى اتخذت من أزمة البحر الأحمر ذريعة لزيادة وجودها العسكري في هذه المنطقة القريبة من الممر الإستراتيجي المهم، باب المندب.
وقال إن لميليشيا الحوثيين أهدافها الخاصة في ابتزاز دول الخليج والعالم، إضافة إلى محاولتها الهرب من الاستحقاقات الداخلية التي تواجهها، في ظل المجاعة والأوضاع الإنسانية والصحية المتردية في مناطق سيطرتها، عبر تقديم نفسها كـ “مدافع عن اليمن وفلسطين”.
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024