الجمعة , 22 نوفمبر 2024
بدا الإعلان عن استشهاد 3 من جنود دولة الإمارات في الصومال، يوم السبت الماضي، مفاجئا للبعض، إذ إن البلد الذي طالما أعلن أن محاربة الإرهاب هدف إنساني قبل أن يكون أمنيا التزم بنهجه دون صخب.
فدولة الإمارات التي دفعت بمشروع تاريخي إلى مجلس الأمن، تم إقراره منتصف العام الماضي، حول التسامح لمعالجة خطاب الكراهية والتطرف، وذلك خلال عضويتها في المنظمة الدولية، ترجمت التزامها بالفعل عبر أشكال متنوعة لحصار الإرهاب واجتثاث خطابه ومواجهة عناصره على خارطة الإقليم.
وفي هذا السياق، أشار معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، في تحليل سابق، إلى أن دولة الإمارات في إطار مهامها في أفغانستان والعراق وسوريا واليمن (حيث ساهمت مع قوات التحالف الدولي ضد داعش والتحالف العربي في اليمن) أثبتت أنها تستطيع المساهمة بقدرات عسكرية حقيقية، وأن وجودها في الصومال، بطلب من مقديشو، يضاعف فعالية الجهود الدولية لمواجهة إرهاب حركة الشباب.
ويرى خبراء أن جهود الإمارات ساهمت على نحو كبير في تحقيق الجيش الصومالي انتصارات ميدانية متسارعة على حركة الشباب أغنى وأخطر التنظيمات الإرهابية في أفريقيا والمرتبطة بتنظيم “القاعدة” الإرهابي، مشددين على أن فقدان الحركة لمناطق واسعة في وسط البلاد خلال العام الماضي من أبرز الدلائل على أهمية التعاون بين مقديشو والإمارات.
التعاون الأمني الإماراتي الصومالي
خلال زيارة قام بها عبد القادر محمد نور (جامع) وزير الدفاع الصومالي إلى الإمارات في يناير/كانون الثاني من العام المنصرم، وقعت مقديشو اتفاقية بشأن التعاون العسكري والأمني ومحاربة الإرهاب، مع الإمارات.
وحينها أكد الوزير الصومالي أن هذه الاتفاقية تقوم على أساس العلاقة التاريخية بين البلدين وتعكس الاستقلال والسيادة والمصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.
لكن الدور الإماراتي بدأ قبل ذلك بعقود حيث شارك البلد العربي في العديد من المهام تحت المظلة الأممية لانتشال البلد الأفريقي من نار الإرهاب وأخطار المجاعة.
كما أن الوجود الإماراتي الراهن في الصومال جاء بطلب من مقديشو في إطار التعاون بين البلدين ومؤطر باتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم، وقعت في يناير/كانون الثاني من العام الماضي.
وكانت بداية الوجود العسكري الإماراتي في عامَي 1993 و1994، حيث شاركت بـ640 من “قوات الواجب” في البعثة الإنسانية التابعة لـ”فرقة العمل الموحدة” البالغ عددها 37000 جندي بالصومال، وساهمت الإمارات في بعثة حفظ السلام الخاصة بـ”عملية الأمم المتحدة الثانية في الصومال”، ووفرت وحدات عسكرية ومستشفًى ميدانياً، واستشهد 3 من جنودها بالمعارك وقتها.
كما افتتحت دولة الإمارات مركزاً تدريبياً في مقديشو، حيث دربت آلاف الجنود الصوماليين، وبنت مراكز تدريب ومستشفًى، ودفعت رواتب 2407 جنود.
أهمية الوجود الإماراتي بالصومال
حددت السياسة الإماراتية تجاه الصومال 4 قضايا رئيسية تجلت بتعبيرات واضحة خلال عضويتها مجلس الأمن.
وفي جلسة بشأن الصومال في فبراير/شباط عام 2022 قالت الإمارات في مجلس الأمن إنها تسلط الضوء على 4 مسائل:
أولها: التركيز على دعم المسار السياسي باعتباره أساساً لتحقيق سلام مستدام في الصومال.
ثانيا: أهمية تقديم المساعدة للصومال، في التصدي للتهديدات الأمنية التي تحول دون بناء سلام مستدام فيه، وفي مقدمتها حركة الشباب الإرهابية التي تستمر في شن الهجمات.
ثالثا: أهمية إيصال المساعدات الإنسانية، بشكل كامل وآمن في ظل موجة النزوح التي خلفتها الأوضاع الأمنية المتردية والكوارث الطبيعية.
رابعا: العمل لدعم الصومال في التصدي لتداعيات تغير المناخ، والتي أدت جميعها إلى تزايد انعدام الأمن الغذائي.
وعليه أقامت دولة الإمارات رؤيتها لأولوية الاحتياجات الصومالية والتي تمثلت في الآتي:
إنجازات إماراتية
بعد 18 عاما و3 بعثات سلام متعددة الجنسيات، يتأهب الصومال لتولي المسؤولية الأمنية بالكامل، إذ تستعد بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (إتميس) لتسليم مهامها والانسحاب من البلاد خلال العام الجاري.
وطالما شددت دولة الإمارات في مجلس الأمن على ضرورة ضمان نقل المسؤوليات الأمنية إلى قوات الأمن الصومالية، عبر خطوات مدروسة تحول دون ترك فراغ لحركة الشباب الإرهابية، لتعزيز سيطرتها أو توسيع نطاقها.
وانعكست الجهود الإماراتية في تحقيق القوات الصومالية انتصارات متلاحقة في وسط البلاد بعد أن تمكنت من تحرير مناطق واسعة من قبضة الحركة الإرهابية.
وفي هذا الإطار قامت دولة الإمارات بـ
دور الإمارات في ميزان الخبراء
في حديثهم لـ”العين الإخبارية” اتفق العديد من الخبراء (من بينهم الخبير المصري اللواء محمد عبدالواحد، والمحلل العسكري الصومالي العقيد أحمد عبدالله، والباحث الصومالي في القضايا الأمنية والسياسية في القرن الأفريقي عبدالرحمن سهل) في معرض تقيمهم للدور الإماراتي الناجح في الصومال على ما يلي:
انحسار الإرهاب في الصومال
خلال العامين الماضيين تراجعت حركة الشباب الصومالية وعملياتها الإرهابية بشكل ملفت، وبدأت تخسر العديد من الأراضي التي كانت تسيطر عليها تحت وطأة ضربات الجيش الصومالي الذي ساهمت القوات الإماراتية في عمليات تدريبه، وهذا ما دفع حركة “الشباب” الإرهابية إلى إعلان الأخيرة مسؤوليتها عن الهجوم الذي أسفر عن استشهاد 3 عسكريين إماراتيين وضابط بحريني أثناء قيامهم بمهمة تدريب بقاعدة عسكرية بالعاصمة الصومالية.
وتمثل حركة “الشباب” الجناح المسلح لاتحاد المحاكم الإسلامي الصومالي السابق الذي استولى على أجزاء من جنوب الصومال خلال النصف الثاني من عام 2006.
وشنت حركة الشباب هجمات إرهابية في الصومال، وكينيا، وأوغندا، وجيبوتي. وهي المسؤولة عن عملية التفجيرات الانتحارية التي وقعت في يوم 11 يوليو/تموز من عام 2010 في كامبالا، والتي أسفرت عن مصرع 76 شخصا، بما في ذلك مواطنين أمريكيين.
وفي شهر سبتمبر/أيلول من عام 2013، شنت حركة الشباب هجوما كبيرا على المركز التجاري “ويست جيت” في نيروبي، أدى الحصار الذي استمر لعدة أيام إلى مقتل 65 مدنيا على الأقل، فضلًا عن ستة جنود وضباط شرطة وإصابة مئات آخرين.
وفي أبريل/نيسان من عام 2015، شنت حركة الشباب غارة باستخدام أسلحة صغيرة وقنابل يدوية على كلية جامعة “غاريسا” بكينيا التي أسفرت عن مقتل 148 شخص
اعلامي جنوبي
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024