يقف اليمن على مفترق طرق بين “السيناريو اللبناني” أو الحرب المفتوحة التي تتبخر معها آمال السلام في بلد يكتوي منذ 2014 بالنار.
ويرى مراقبون تحدثوا لـ”العين الإخبارية” أن اليمن في أعقاب قرار الولايات المتحدة وبريطانيا توجيه رسالة بالنار لمليشيات الحوثي تقف أمام سيناريو من اثنين؛ أولهما النموذج اللبناني في نسخته الأخيرة خلال الحرب في غزة.
ومنذ فجر الجمعة الماضي وجهت واشنطن ولندن عشرات الضربات لمواقع حوثية، قدر عسكريون أمريكيون أن تكون قوضت 30% من قدرات الحوثي الصاروخية.
وإذا ما اعتمد الحوثيون التجربة اللبنانية ستبقى الأزمة تحت سقف جرعات محددة من النار تؤلم لكن يمكن احتمالها.
هذا السيناريو يرجحه المحلل السياسي اليمني باسم الحكيمي معربا عن اعتقاده بأن “التصعيد بين الأمريكان والحوثي سيظل ضمن المستويات المسموح بها وسوف يتراوح بين ضربات هنا وهناك لكن لن يتجاوز إلى مدى أوسع”.
ومنذ بدء الحرب في غزة قبل 100 يوم فتح حزب الله اللبناني جبهة الجنوب تحت سقف قواعد الاشتباك الضمنية والمستقرة مع إسرائيل منذ 2006.
ويدلل الحكيمي على صحة ترجيحه قائلا إن فاعلية الضربات الأمريكية البريطانية محدودة بالنظر إلى أن غالبية أهداف المليشيات متنقلة وغير ثابتة بما فيها الصواريخ والمسيرات التي يمكن إطلاقها من أي مكان.
وأكد أن “هذه الضربات تكتيكية لن تغير في ميزان القوى”، معتبرا أن الأجدى دعم الحكومة اليمنية لتتولى تحرير محافظة الحديدة وإسقاط اتفاق ستوكهولم الذي بات يمثل غطاء لتهديد حرية الملاحة العالمية.
الخبير العسكري والأمني اليمني المقدم أحمد العاقل، يذهب إلى أبعد من ذلك قائلا لـ”العين الإخبارية” إن الضربات الأمريكية البريطانية لن تستطيع حماية الملاحة البحرية وأن دعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة “بات ضرورة لوقف قرصنة وهجمات المليشيات البحرية”.
ولفت إلى أن “الضربات الأمريكية البريطانية، فتحت بابا آخر للتصعيد من دون القدرة على الحسم إذا سوف تستمر المليشيات في استهداف السفن وقرصنتها وستذهب إلى توسيع قائمة الرد الانتقامي”.
وأكد أنه “لا أحد يستطيع تصور المخرج من هكذا وضع معقد لكنه يتعين أن تتبع الضربات ضغوطا غربية على إيران لضبط الوضع”.
من جانبه، رأى المحلل السياسي اليمني عمار القدسي أن ضربات يومي الجمعة والسبت الماضيين كانت محدودة، قائلا إنها “شكل من أشكال الدبلوماسية الخشنة”، تحمل رسالة مفادها “أننا نستطيع تقويض قدرات الحوثي”، وأن “لكل فعل رد فعل”.
وأوضح في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن “الوضع باليمن انقلب رأسا على عقب بعد الضربات، وأن مليشيات الحوثي التي هددت الملاحة الدولية هي من استدعت القوى العظمى المعنية بإدارة أمن الممرات المائية للرد”.
وأضاف أن “مليشيات الحوثي لم تستجب للتحذيرات الأمريكية التي وجهت عبر وسطاء إقليميين وذهبت إلى الاشتباك مع بارجة أمريكية باستهدافها بـ18 مسيرة و4 صواريخ باليستية وهو ما استدعى ضرب أهدافها”.
وأشار إلى أن الضربات الأمريكية البريطانية “تدشن مرحلة جديدة، وفي حال استمر الحوثيون في هجماتهم في البحر الأحمر سيتم ضرب مزيد من الأهداف”.
لكنه حذر من سيناريو الجحيم في حال تسببت الهجمات الحوثية في مقتل جنود أمريكيين أو بريطانيين، معتبرا أن تصعيد من هذا النوع سيضع قادة الحوثي ضمن أهداف الولايات المتحدة.
بدوره، يعتقد الخبير الإعلامي اليمني إبراهيم مجور أن أي “تصعيد حوثي عسكري مضاعف في البحر الأحمر أو البر باستهداف القواعد الأمريكية سيقابله بالتأكيد رد أكثر حزما باستهداف قياداتهم البارزة إلى جانب منشآتهم العسكرية” وهذا ما كشفته الضربة المشتركة يوم الجمعة.
وعن تداعيات الضربة الأمريكية البريطانية، قال مجور لـ”العين الإخبارية”، إنها “سوف تؤثر بالفعل على خارطة الطريق الأممية ومسار السلام في اليمن بشكل عام”.
وأوضح أن “الحوثيين سوف يستمرون في تهديد السلم والأمن القومي الإقليمي والدولي في البحر الأحمر وخليج عدن، لامتلاكهم ترسانة عسكرية تشمل صواريخ بعيدة المدى وطائرات مسيرة هجومية وقارب”.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد تعهد، في تصريحات للصحفيين الجمعة الماضي، بأن بلاده سترد على مليشيات الحوثي إذا واصلت هذا السلوك (استهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر) المثير للغضب، واصفا المليشيات بـ”الإرهابية”.
وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ قد حث جميع الأطراف المعنية بالتطورات في البلاد على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، محذرا من تزايد عدم اليقين إزاء الوضع في المنطقة.